والخوارج يقال لهم الشراة ، وأحدهم شاري ، مشتق من شرى الرجل إذا ألح ، أو معناه يستشري بالشرّ ، أو من قول الخوارج شرينا أنفسنا لدين الله فنحن لذلك شراة ، وقيل أنه من قولهم شاريته أي لاححته وماريته ، وقيل شرى الرجل غضبا إذا استطار غضبا ، وقيل لهم هذا لشدّة غضبهم على المسلمين.
ذكر الحال في عقائد أهل الإسلام ،
منذ ابتداء الملة الإسلامية إلى أن انتشر مذهب الأشعرية
اعلم أن الله تعالى لما بعث من العرب نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم رسولا إلى الناس جميعا ، وصف لهم ربهم سبحانه وتعالى ، بما وصف به نفسه الكريمة في كتابه العزيز الذي نزل به على قلبه صلىاللهعليهوسلم الروح الأمين وبما أوحى إليه ربه تعالى ، فلم يسأله صلىاللهعليهوسلم أحد من العرب بأسرهم ، قرويهم وبدويهم عن معنى شيء من ذلك ، كما كانوا يسألونه صلىاللهعليهوسلم عن أمر الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك مما لله فيه سبحانه أمر ونهي ، وكما سألوه صلىاللهعليهوسلم عن أحوال القيامة والجنة والنار ، إذ لو سأله إنسان منهم عن شيء من الصفات الإلهية لنقل كما نقلت الأحاديث الواردة عنه صلىاللهعليهوسلم في أحكام الحلال والحرام ، وفي الترغيب والترهيب ، وأحوال القيامة والملاحم والفتن ، ونحو ذلك مما تضمنته كتب الحديث ، معاجمها ومسانيدها وجوامعها ، ومن أمعن النظر في دواوين الحديث النبويّ ، ووقف على الآثار السلفية ، علم أنه لم يرد قط من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة رضياللهعنهم ، وعلى اختلاف طبقاتهم وكثرة عددهم ، أنه سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن معنى شيء مما وصف الربّ ، سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم ، وعلى لسان نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم ، بل كلهم فهموا معنى ذلك وسكتوا عن الكلام في الصفات ، نعم ولا فرّق أحد منهم بين كونها صفة ذات أو صفة فعل ، وإنما أثبتوا له تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والجلال والإكرام والجود والإنعام والعز والعظمة ، وساقوا الكلام سوقا واحدا. وهكذا أثبتوا رضياللهعنهم ما أطلقه الله سبحانه على نفسه الكريمة من الوجه واليد ونحو ذلك ، مع نفي مماثلة المخلوقين ، فأثبتوا رضياللهعنهم بلا تشبيه ، ونزهوا من غير تعطيل ، ولم يتعرّض مع ذلك أحد منهم إلى تأويل شيء من هذا ، ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت ، ولم يكن عند أحد منهم ما يستدل به على وحدانية الله تعالى ، وعلى إثبات نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم ، سوى كتاب الله ، ولا عرف أحد منهم شيئا من الطرق الكلامية ولا مسائل الفلسفة ، فمضى عصر الصحابة رضياللهعنهم على هذا إلى أن حدث في زمنهم القول بالقدر ، وأنّ الأمر أنفة ، أي أنّ الله تعالى لم يقدّر على خلقه شيئا مما هم عليه.
وكان أوّل من قال بالقدر في الإسلام ، معبد بن خالد الجهنيّ ، وكان يجالس الحسن بن الحسين البصريّ ، فتكلم في القدر بالبصرة ، وهلك أهل البصرة مسلكه لما رأوا