والمدرسة السيفية من حقوق دار الديباج التي تقدّم ذكرها ، وأنشأ هذه المدرسة الأمير قطب الدين خسرو بن بلبل بن شجاع الهدبانيّ ، في سنة سبعين وخمسمائة ، وجعلها وقفا على الفقهاء الشافعية ، وهو أحد أمراء السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب.
المدرسة السيوفية
هذه المدرسة بالقاهرة ، وهي من جملة دار الوزير المأمون البطائجيّ ، وقفها السلطان السيد الأجل الملك الناصر صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن أيوب على الحنفية ، وقرّر في تدريسها الشيخ مجد الدين محمد بن محمد الجبتي ، ورتب له في كل شهر أحد عشر دينارا ، وباقي ريع الوقف يصرفه على ما يراه للطلبة الحنفية المقرّرين عنده على قدر طبقاتهم ، وجعل النظر للجبتي ، ومن بعده إلى من له النظر في أمور المسلمين ، وعرفت بالمدرسة السيوفية ، من أجل أن سوق السيوفيين كان حينئذ على بابها ، وهي الآن تجاه سوق الصنادقيين ، وقدوهم القاضي محيى الدين عبد الله بن عبد الظاهر فإنه قال في كتاب الروضة الزاهرة في خطط المعزية القاهرة : مدرسة السيوفية وهي للحنفية ، وقفها عز الدين فرحشاه قريب صلاح الدين وما أدري كيف وقع له هذا الوهم ، فإن كتاب وقفها موجود ، قد وقفت عليه ولخصت منه ما ذكرته ، وفيه أن واقفها السلطان صلاح الدين وخطه على كتاب الوقف ونصه : الحمد لله وبه توفيقي ، وتاريخ هذا الكتاب تاسع عشرى شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة ، ووقف على مستحقيها اثنين وثلاثين حانوتا بخط سويقة أمير الجيوش وباب الفتوح وحارة برجوان ، وذكر في آخر كتاب وقفها أن الواقف أذن لمن حضر مجلسه من العدول في الشهادة والقضاء على لفظه بما تضمنه المسطور ، فشهدوا بذلك وأثبتوا شهادتهم آخره ، وحكم حاكم المسلمين على صحة هذا الوقف بعد ما خاصم رجل من أهل هذا الوقف في ذلك ، وأمضاه. لكنه لم يذكر في الكاتب اسجال القاضي بثبوته بل ذكر رسم شهادة الشهود على الواقف ، وهم عليّ بن إبراهيم بن نجا بن غنائم الأنصاريّ الدمشقيّ ، والقاسم بن يحيى بن عبد الله بن قاسم الشهرزوريّ ، وعبد الله بن عمر بن عبد الله الشافعيّ ، وعبد الرحمن بن عليّ بن عبد العزيز بن قريش المخزوميّ ، وموسى بن حكر بن موسك الهدبانيّ في آخرين. وهذه المدرسة هي أوّل مدرسة وقفت على الحنفية بديار مصر ، وهي باقية بأيديهم.
المدرسة الفاضلية
هذه المدرسة بدرب ملوخيا من القاهرة ، بناها القاضي الفاضل عبد الرحيم بن عليّ البيسانيّ ، بجوار داره ، في سنة ثمانين وخمسمائة ، ووقفها على طائفتي الفقهاء الشافعية والمالكية ، وجعل فيها قاعة للإقراء ، أقرأ فيها الإمام أبو محمد الشاطبيّ ناظم الشاطبية ، ثم تلميذه أبو عبد الله محمد بن عمر القرطبيّ ، ثم الشيخ عليّ بن موسى الدهان وغيرهم ، ورتب لتدريس فقه المذهبين الفقيه أبا القاسم عبد الرحمن بن سلامة الاسكندرانيّ ، ووقف