شرف الدين بن عنين ومدحه بعدّة قصائد بديعة ، فأجزل صلاته وأكثر من الإحسان إليه ، واكتسب من جهته مالا وافرا ، وخرج من اليمن ، فلما قدم إلى مصر والسلطان إذ ذاك الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين ، ألزمه أرباب ديوان الزكاة بدفع زكاة ما معه من المتجر فعمل :
ما كلّ من يتسمى بالعزيز لها |
|
أهل ولا كلّ برق سحبه غدقه |
بين العزيزين فرق في فعالهما |
|
هذّاك يعطي وهذا يأخذ الصدقه |
وتوفي سيف الإسلام في شوّال سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بالمنصورة ، وهي مدينة باليمن اختطها رحمهالله تعالى.
المدرسة العاشورية
هذه المدرسة بحارة زويلة من القاهرة ، بالقرب من المدرسة القطبية الجديدة ورحبة كوكاي. قال ابن عبد الظاهر : كانت دار اليهوديّ ابن جميع الطبيب ، وكان يكتب لقراقوش ، فاشترتها منه الست عاشوراء بنت ساروج الأسديّ ، زوجة الأمير أيازكوج الأسديّ ، ووقفتها على الحنفية ، وكانت من الدور الحسنة ، وقد تلاشت هذه المدرسة وصارت طول الأيام مغلوقة لا تفتح إلّا قليلا ، فإنها في زقاق لا يسكنه إلّا اليهود ومن يقرب منهم في النسب.
المدرسة القطبية
هذه المدرسة في أوّل حارة زويلة برحبة كوكاي ، عرفت بالست الجليلة الكبرى عصمة الدين مؤنسة خاتون ، المعروفة بدار إقبال العلائي ، ابنة الملك العادل أبي بكر بن أيوب ، وشقيقة الملك الأفضل قطب الدين أحمد ، وإليه نسبت ، وكانت ولادتها في سنة ثلاث وستمائة ، ووفاتها ليلة الرابع والعشرين من ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وستمائة ، وكانت قد سمعت الحديث وخرّج لها الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد الظاهريّ أحاديث ثمانيات حدّثت بها ، وكانت عاقلة دينة فصيحة ، لها أدب وصدقات كثيرة ، وتركت مالا جزيلا ، وأوصت ببناء مدرسة يجعل فيها فقهاء وقرّاء ، ويشترى لها وقف يغلّ ، فبنيت هذه المدرسة ، وجعل فيها درس للشافعية ودرس للحنفية. وقرّاء ، وهي إلى اليوم عامرة.
المدرسة الخرّوبية
هذه المدرسة على شاطيء النيل من مدينة مصر ، أنشأها تاج الدين محمد بن صلاح الدين أحمد بن محمد بن علي الخروبيّ ، لما أنشأ بيتا كبيرا مقابل بيت أخيه عز الدين قبليه على شاطىء النيل ، وجعل فيه هذه المدرسة ، وهي ألطف من مدرسة أخيه ، وبجنبها مكتب سبيل ، ووقف عليها أوقافا ، وجعل بها مدرّس حديث فقط ، مات بمكة في آخر المحرّم سنة خمس وثمانين وسبعمائة.