الحكيم مهذب الدين أبو سعيد محمد بن علم الدين بن أبي الوحش بن أبي الخير بن أبي سليمان بن أبي حليقة ، رئيس الأطباء ، كان جدّه الرشيد أبو الوحش نصرانيا متقدّما في صناعة الطب ، فأسلم ابنه علم الدين في حياته ، وكان لا يولد له ولد فيعيش ، فرأت أمّه وهي حامل به قائلا يقول : هيئوا له حلقة فضة قد تصدّق بوزنها ، وساعة يوضع من بطن أمّه تثقب أذنه وتوضع فيها الحلقة. ففعلت ذلك فعاش ، فعاهدت أمّه أباه أن لا يقلعها من أذنه ، فكبر وجاءته أولاد وكلهم يموت ، فولد له ابنه مهذب الدين أبو سعيد ، فعمل له حلقة فعاش ، وكان سبب اشتهاره بأبي حليقة أن الملك الكامل محمد بن العادل أمر بعض خدّامه أن يستدعي بالرشيد الطبيب من الباب ، وكان جماعة من الأطباء بالباب ، فقال الخادم من هو منهم؟ فقال السلطان أبو حليقة ، فخرج فاستدعاه بذلك ، فاشتهر بهذا الاسم ، ومات الرشيد في سنة ست وسبعين وستمائة.
المدرسة الخرّوبية
هذه المدرسة بظاهر مدينة مصر تجاه المقياس بخط كرسيّ الجسر ، أنشأها كبير الخرابية بدر الدين محمد بن محمد بن عليّ الخروبيّ ، بفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء المهملة وضمها ثم واو ساكنة بعدها باء موحدة ثم ياء آخر الحروف ، التاجر في مطابخ السكّر ، وفي غيرها بعد سنة خمسين وسبعمائة ، وجعل مدرّس الفقه بها الشيخ بهاء الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل ، والمعيد الشيخ سراج الدين عمر البلقيني ، ومات سنة اثنتين وستين وسبعمائة ، وأنشأ أيضا ربعين بخط دار النحاس من مصر البلقيني ، ومات سنة وربعين مقابل المقياس بالقرب من مدرسته ، ولبدر الدين هذا أخ من أبيه أسنّ منه يقال له صلاح الدين أحمد بن محمد بن عليّ الخرّوبيّ ، عاش بعد أخيه وأنجب في أولاده ، وأدركت لهم أولادا نجباء ، وكان أوّلا قليل المال ، ثم تموّل وأنشأ تربة كبيرة بالقرافة ، فيما بين تربة الإمام الشافعيّ وتربة الليث بن سعد ، مقابل السروتين ، وجدّدها حفيده نور الدين عليّ بن عز الدين محمد بن صلاح الدين ، وأضاف إليها مطهرة حسنة ، ومات سنة تسع وستين وسبعمائة ، وشرط بدر الدين في مدرسته أن لا يلي بها أحد من العجم. وظيفة من الوظائف. فقال في كل وظيفة منها ، ويكون من العرب دون العجم ، وكانت له مكارم ، جهز مرّة ابن عقيل إلى الحج بنحو خمسمائة دينار.
المدرسة الخروبية
هذه المدرسة بخط الشون قبليّ دار النحاس من ظاهر مدينة مصر ، أنشأها عز الدين محمد بن صلاح الدين أحمد بن محمد بن عليّ الخرّوبيّ ، وهي أكبر من مدرسة عمه بدر الدين ، إلّا أنه مات سنة ست وسبعين وسبعمائة قبل استيفاء ما أراد أن يجعل فيها ، فليس لها مدرّس ولا طلبة ، ومولده سنة ست عشرة وسبعمائة ، ونشأ في دنيا عريضة رحمهالله تعالى.