منقوشة بأشكال المحاريب أيضا ، وفيها خزانة كتب ولها إمام راتب.
طيبرس : بن عبد الله الوزيريّ ، كان في ملك الأمير بدر الدين بيلبك مملوك الخارندار الظاهريّ نائب السلطنة ، ثم انتقل إلى الأمير بدر الدين بيدرا ، وتنقل في خدمته حتى صار نائب الصبيبة ، ورأى مناما للمنصور لاجين يدل على أنه يصير سلطان مصر ، وذلك قبل أن يتقلد السلطنة وهو نائب الشام ، فوعده إن صارت إليه السلطنة أن يقدّمه وينوّه به ، فلما تملك لاجين استدعاه وولاه نقابة الجيش بديار مصر عوضا عن بلبان الفاخريّ ، في سنة سبع وتسعين وستمائة ، فباشر النقابة مباشرة مشكورة إلى الغاية ، من إقامة الحرمة وأداء الأمانة والعفة المفرطة ، بحيث أنه ما عرف عنه أنه قبل من أحد هدية البتة مع التزام الديانة والمواظبة على فعل الخير والغنى الواسع ، وله من الآثار الجميلة الجامع والخانقاه بأراضي بستان الخشاب المطلة على النيل خارج القاهرة ، فيما بينها وبين مصر بجوار المنشأة ، وهو أوّل من عمر في أراضي بستان الخشاب ، وقد تقدّم ذكر ذلك ، ومن آثاره أيضا هذه المدرسة البديعة الزي ، وله على كل من هذه الأماكن أوقاف جليلة ، ولم يزل في نقابة الجيش إلى أن مات في العشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وسبعمائة ، ودفن في مكان بمدرسته هذه ، وقبره بها إلى وقتنا هذا ، ووجد له من بعده مال كثير جدّا ، وأوصى إلى الأمير علاء الدين عليّ الكوارنيّ ، وجعل الناظر على وصيته الأمير أرغون نائب السلطنة ، واتفق انه لما فرغ من بناء هذه المدرسة أحضر إليه مباشروه حساب مصروفها ، فلما قدّم إليه استدعى بطشت فيه ماء وغسل أوراق الحساب بأسرها من غير أن يقف على شيء منها وقال : شيء خرجنا عنه لله تعالى لا نحاسب عليه ، ولهذه المدرسة شبابيك في جدار الجامع تشرف عليه ، ويتوصل من بعضها إليه ، وما عمل ذلك حتى استفتى الفقهاء فيه فأفتوه بجواز فعله ، وقد تداولت أيدي نظار السوء على أوقاف طيبرس هذا فخرب أكثرها وخرب الجامع والخانقاه ، وبقيت هذه المدرسة عمرها الله بذكره.
المدرسة الأقبغاوية
هذه المدرسة بجوار الجامع الأزهر على يسرة من يدخل إليه من بابه الكبير البحريّ ، وهي تشرف بشبابيك على الجامع مركبة في جداره ، فصارت تجاة المدرسة الطيبرسية. كان موضعها دار الأمير الكبير عز الدين أيدمر الحليّ نائب السلطنة في أيام الملك الظاهر بيبرس ، وميضأة للجامع ، فأنشأها الأمير علاء الدين أقبغا عبد الواحد أستادار الملك الناصر محمد بن قلاون ، وجعل بجوارها قبة ومنارة من حجارة منحوتة ، وهي أوّل مئذنة عملت بديار مصر من الحجر بعد المنصورية ، وإنما كانت قبل ذلك تبنى بالآجر ، بناها هي والمدرسة المعلم ابن السيوفيّ رئيس المهندسين في الأيام الناصرية ، وهو الذي تولى بناء جامع الماردينيّ خارج باب زويلة ، وبنى مئذنته أيضا. وهي مدرسة مظلمة ليس عليها من