الجيش والتاج إسحاق بسبب تقديمه لمحمد بن لعيبة ، فإنه كان قد استقرّ في نظر الدولة والصحبة والبيوت وتحكم في الوزير وتسلم قياده ، فكتبت مرافعات في الوزير وأنه أخذ مالا كثيرا من مال الجيزة ، فخرج الأمير أيتمش المجديّ بالكشف عليه ، وهمّ السلطان بإيقاع الحوطة به ، فقام في حقه الأمير بكتمر الساقي حتى عفي عنه وقبض على كثير من الدواوين. ثم إنه سافر إلى الحجاز ، فلما عاد توفي بسطح عقبة إيلة في يوم الأحد سابع عشر المحرّم سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. فصبّر وحمل إلى القاهرة ودفن بهذه الخانقاه في يوم الخميس حادي عشري المحرّم المذكور بعد ما صلّى عليه بالجامع الحاكميّ ، وولى السلطان بعده الأستادارية الأمير أقبغا عبد الواحد ، وكان ينوب عن الجماليّ في الأستادارية الطنقش مملوك الأفرم ، نقله إليها من ولاية الشرقية ، وكان الجماليّ حسن الطباع يميل إلى الخير مع كثرة الحشمة ، ومما شكر عليه في وزارته أنه لم يبخل على أحد بولاية مباشرة ، وأنشأ ناسا كثيرا ، وقصد من سائر الأعمال ، وكان يقبل الهدايا ويحب التقادم ، فحلت له الدنيا وجمع منها شيئا كثيرا ، وكان إذا أخذ من أحد شيئا على ولاية لا يعزله حتى يعرف أنه قد اكتسب قدر ما وزنه له ، ولو أكثر عليه في السعي ، فإذا عرف أنه أخذ ما غرمه عزله وولى غيره ، ولم يعرف عنه أنه صادر أحدا ولا اختلس مالا ، وكانت أيامه قليلة الشرّ ، إلّا أنه كان يعزل ويولي بالمال ، فتزايد الناس في المناصب ، وكان له عقب بالقاهرة غير صالحين ولا مصلحين.
المدرسة الفارسية
هذه المدرسة بخط الفهادين من أوّل العطوفية بالقاهرة ، كان موضعها كنيسة تعرف بكنيسة الفهادين ، فلما كانت واقعة النصارى في سنة ست وخمسين وسبعمائة ، هدمها الأمير فارس الدين البكيّ ، قريب الأمير سيف الدين آل ملك الجو كندار ، وبنى هذه المدرسة ووقف عليها وقفا يقوم بما تحتاج إليه.
المدرسة السابقية
هذه المدرسة داخل قصر الخلفاء الفاطميين من جملة القصر الكبير الشرقيّ الذي كان داخل دار الخلافة ، ويتوصل إلى هذه المدرسة الآن من تجاه حمّام البيسريّ بخط بين القصرين ، وكان يتوصل إليها أيضا من باب القصر المعروف بباب الريح من خط الركن المخلق ، وموضعه الآن قيسارية الأمير جمال الدين يوسف الأستادار. بنى هذه المدرسة الطواشي الأمير سابق الدين مثقال الأنوكيّ مقدّم المماليك السلطانية الأشرفية ، وجعل بها درسا للفقهاء الشافعية ، قرّر في تدريسه شيخنا شيخ الشيوخ سراج الدين عمر بن عليّ الأنصاريّ ، المعروف بابن الملقن الشافعيّ ، وجعل فيها تصدير قراءات وخزانة كتب ، وكتابا يقرأ فيه أيتام المسلمين ، وبنى بينها وبين داره التي تعرف بقصر سابق الدين حوض ماء للسبيل ، هدمه الأمير جمال الدين يوسف الأستادار لما بنى داره المجاورة لهذه المدرسة ،