شعبان بن حسين التي هدمها الناصر فرج بن برقوق ، وبابه هو حيث كان باب المدرسة ، إلّا أنه ضيق عما كان ، أنشأه المؤيد شيخ في مدّة أوّلها جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ، وآخرها رجب سنة ثلاث وعشرين ، ونزل فيه المرضى في نصف شعبان ، وعملت مصارفه من جملة أوقاف الجامع المؤيديّ المجاور لباب زويلة ، فلما مات الملك المؤيد في ثامن المحرّم سنة أربع وعشرين تعطل قليلا ، ثم سكنه طائفة من العجم المستجدّين في ربيع الأوّل منها ، وصار منزلا للرسل الواردين من البلاد إلى السلطان ، ثم عمل فيه منبر ورتب له خطيب وإمام ومؤذنون وبوّاب وقومة ، وأقيمت به الجمعة في شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة ، فاستمرّ جامعا تصرف معاليم أرباب وظائفه المذكورين من وقف الجامع المؤيدي.
ذكر المساجد
قال ابن سيده : المسجد الموضع الذي يسجد فيه. وقال الزجاج : كلّ موضع يتعبد فيه فهو مسجد ، ألا ترى أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» وقوله عزوجل : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [البقرة / ١١٤] المعنى على هذا المذهب أنه من أظلم ممن خالف قبلة الإسلام ، وقد كان حكمه أن لا يجيء على مفعل ، لأن حق اسم المكان والمصدر من فعل يفعل أن يجيء على مفعل ، ولكنه أحد الحروف التي شذت فجاءت على مفعل. قال سيبويه : وأما المسجد فإنهم جعلوه اسما للبيت ، ولم يأت على فعل يفعل ، كما قال في المدق : أنه اسم للجود ، يعني أنه ليس على الفعل ، ولو كان على الفعل لقيل مدق لأنه آلة والآلات تجىء على مفعل كمخزن ومكنس ومكسح ، والمسجدة الجمرة المسجود عليها ، وقوله تعالى وإن المساجد لله ، قيل هي مواضع السجود من الإنسان ، الجبهة واليدان والركبتان والرجلان. وقال الشريف محمد بن أسعد الجوّانيّ في كتاب النقط على الخطط عن القاضي أبي عبد الله القضاعيّ : أنه كان في مصر الفسطاط من المساجد ستة وثلاثون ألف مسجد. وقال المسبحيّ في حوادث سنة ثلاث وأربعمائة : وأحصى أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله المساجد التي لا غلة لها فكانت ثمانمائة مسجد ، فأطلق لها في كلّ شهر من بيت المال تسعة آلاف ومائتين وعشرين درهما ، وفي سنة خمس وأربعمائة حبس الحاكم بأمر الله سبع ضياع منها ، اطفيح وطوخ على القرّاء. والمؤذنين بالجوامع ، وعلى ملء المصانع والمارستان ، وفي ثمن الأكفان. وذكر ابن المتوّج أن عدّة المساجد بمصر في زمنه أربعمائة وثمانون مسجدا ذكرها.