ويبني موضعه مسجدا ، وكان الصناع يعملون فيه ليلا ونهارا ، حتى أنه تفطر بعد ذلك واحتيج إلى تجديده.
المسجد المعروف بمعبد موسى
هذا المسجد بخط الركن المخلق من القاهرة تجاه باب الجامع الأقمر المجاور لحوض السبيل ، وعلى يمنة من سلك من بين القصرين طالبا حبة باب العيد. أوّل من اختطه القائد جوهر عندما وضع القاهرة. قال ابن عبد الظاهر : ولما بنى القائد جوهر القصر دخل فيه دير العظام ، وهو المكان المعروف الآن بالركن المخلق ، قبالة حوض الجامع الأقمر ، وقريب دير العظام ، والمصريون يقولون بئر العظمة ، فكره أن يكون في القصر دير فنقل العظام التي كانت به والرّمم إلى دير بناه في الخندق ، لأنه كان يقال إنها كانت عظام جماعة من الحواريين ، وبنى مكانها مسجدا من داخل السور ، يعني سور القصر. وقال جامع سيرة الظاهر بيبرس : وفي ذي الحجة سنة ستين وستمائة ظهر بالمسجد الذي بالركن المخلق من القاهرة حجر مكتوب عليه. هذا معبد موسى بن عمران عليهالسلام ، فجدّدت عمارته وصار يعرف بمعبد موسى من حينئذ ، ووقف عليه ربع بجانبه ، وهو باق إلى وقتنا هذا.
مسجد نجم الدين
هذا المسجد ظاهر باب النصر ، أنشأه الملك الأفضل نجم الدين أبو سعيد أيوب بن شادي يعقوب بن مروان الكرديّ ، والد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، وجعل إلى جانبه حوض ماء للسبيل ترده الدواب في سنة ست وستين وخمسمائة ، ونجم الدين هذا قدم هو وأخوه أسد الدين شيركوه من بلاد الأكراد إلى بغداد ، وخدم بها وترقى في الخدم حتى صار دزدارا بقلعة تكريت ومعه أخوه ، ثم إنه انتقل عنها إلى خدمة الملك المنصور عماد الدين أتابك زنكي بالموصل ، فخدمه حتى مات ، فتعلق بخدمة ابنه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي فرقّاه وأعطاه بعلبك ، وحج من دمشق سنة خمس وخمسمائة ، فلما قدم ابنه صلاح الدين يوسف بن أيوب معه عمه أسد الدين شيركوه من عند نور الدين محمود إلى القاهرة ، وصار إلى وزارة العاضد بعد موت شيركوه ، قدم عليه أبوه نجم الدين في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وخمسمائة ، وخرج العاضد إلى لقائه وأنزله بمناظر اللؤلؤة ، فلما استبدّ صلاح الدين بسلطنة مصر بعد موت الخليفة العاضد أقطع أباه نجم الدين الإسكندرية البحيرة إلى أن مات بالقاهرة ، في يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ذي الحجة ، سنة ثمان وستين وخمسمائة ، وقيل في ثامن عشرة من سقطة عن ظهر فرسه خارج باب النصر ، فحمل إلى داره فمات بعد أيام ، وكان خيّرا جوادا متدينا محبا لأهل العلم والخير ، وما مات حتى رأى