المعسولات ، فإنهنّ يفسدن الدين ويقصرن الهمم. حدّثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ الله سيفتح عليكم بعدي مصر ، فاستوصوا بقبطها خيرا ، فإن لهم فيكم صهرا وذمّة ، فكفوا أيديكم ، وعفوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم» ولا أعلمن ما أتى رجل قد أسمن جسمه وأهزل فرسه ، واعلموا أني معترض الخيل كاعتراض الرجال ، فمن أهزل فرسه من غير علة حططته من فريضته قدر ذلك ، واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة لكثرة الأعداء حولكم ، وتشوّق قلوبهم إليكم ، وإلى داركم معدن الزرع والمال والخير الواسع والبركة النامية ، وحدّثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا ، فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبو بكر رضياللهعنه : ولم يا رسول الله؟ قال : «لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة» فاحمدوا الله معشر الناس على ما أولاكم ، فتمتعوا في ريفكم ما طاب لكم ، فإذا يبس العود وسخن الماء وكثرت الذباب وحمض اللبن وصوّح البقل وانقطع الورد من الشجر ، فحيّ إلى فسطاطكم ، على بركة الله ، ولا يقدمن أحد منكم ذو عيال إلا ومعه تحفة لعياله على ما أطاق من سعته أو عسرته ، أقول قولي هذا واستحفظ الله عليكم.
قال فحفظت ذلك عنه. فقال والدي بعد انصرافنا إلى المنزل لما حكيت له خطبته أنه يا بنيّ يحذر الناس إذا انصرفوا إليه على الرباط كما حذرهم على الريف والدعة. قال : وكان إذا جاء وقت الربيع كتب لكلّ قوم بربيعهم ولبنهم إلى حيث أحبوا ، وكانت القرى التي يأخذ فيها معظمهم منوف وسمنود وأهناس وطحا ، وكان أهل الراية متفرّقين ، فكان آل عمرو بن العاص وآل عبد الله بن سعد يأخذون في منوف ووسيم ، وكانت هذيل تأخذ في ببا وبوصير ، وكانت عدوان تأخذ في بوصير وقرى عك ، والذي يأخذ فيه معظمهم بوصير ومنوف وسندبيس وارتيب ، وكانت بلى تأخذ في منف وطرّانية ، وكانت فهم تأخذ في اتريب وعين شمس ومنوف ، وكانت مهرة جذام تأخذ في مناونمي وبسطة ووسيم ، وكانت لخم تأخذ في الفيوم وطرّانية وقربيط ، وكانت جذام تأخذ في قربيط وطرّانية ، وكانت حضر موت تأخذ في ببا وعين شمس واتريب ، وكانت مراد تأخذ في منف والفيوم ومعهم عبس بن زوف ، وكانت حمير تأخذ في بوصير وقرى أهناس ، وكانت خولان تأخذ في قرى أهناس والقيس والبهنسا ، وآل وعلة يأخذون في سفط من بوصير ، وآل ابرهة يأخذون في منف وغفار ، وأسلم يأخذون مع وائل من جذام وسعد في بسطة وقربيط وطرّانية ، وآل يسار بن ضبة في أتريب ، وكانت المعافر. تأخذ في أتريب وسخا ومنوف ، وكانت طائفة من تجيب ومراد يأخذون باليدقون ، وكان بعض هذه القبائل ربما جاور بعضا في الربيع ، ولا يوقف في معرفة ذلك على أحد إلا أن معظم القبائل كانوا يأخذون حيث وصفنا ، وكان يكتب لهم بالربيع فيربعون ما أقاموا وباللبن ، وكان لغفار وليث أيضا مربع باتريب. قال : وأقامت مدلج بخربتا فاتخذوها منزلا ، وكان معهم نفر من حمير حالفوهم فيها ، فهي منازلهم. ورجعت خشين وطائفة من لخم