سبعين درهما فلوسا ، سوى الخبز والسكن ، وقرّر عنده عشرة من الفقراء لكل منهم مع الخبز مؤيديّ في كل يوم ، فجاءت من أحسن شيء.
ذكر الربط
الربط جمع رباط ، وهو دار يسكنها أهل طريق الله. قال ابن سيده : الرباط من الخيل ، الخمس فما فوقها. والرباط والمرابطة ملازمة ثغر العدوّ ، وأصله أن يربط كل واحد من الفريقين خيله ، ثم صار لزوم الثغر رباطا. وربما سميت الخيل نفسها رباطا ، والرباط والرباط المواظبة على الأمر. قال الفارسيّ هو ثان من لزوم الثغر ، ولزوم الثغر ثان من رباط الخيل وقوله تعالى : (وَصابِرُوا وَرابِطُوا) قيل معناه جاهدوا ، وقيل واظبوا على مواقيت الصلاة. وقال أبو حفص السهرورديّ في كتاب عوارف المعارف : وأصل الرباط ما تربط فيه الخيول ، ثم قيل لكل ثغر يدفع أهله عمن وراءهم رباط ، فالمجاهد المرابط يدفع عمن وراءه ، والمقيم في الرباط على طاعة الله يدفع بدعائه البلاء عن العباد ، والبلاد. وروى داود بن صالح قال : قال لي أبو سلمة بن عبد الرحمن : يا ابن أخي ، هل تدري في أيّ شيء نزلت هذه الآية : (اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) قلت : لا. قال : يا ابن أخي لم يكن في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم غزو تربط فيه الخيل ، ولكنه انتظار الصلاة بعد الصلاة ، فالرباط جهاد النفس ، والمقيم في الرباط مرابط مجاهد نفسه ، واجتماع أهل الربط إذ صح على الوجه الموضوع له الربط ، وتحقق أهل الربط بحسن المعاملة ورعاية الأوقات ، وتوقي ما يفسد الأعمال ، ويصحح الأحوال ، عادت البركة على البلاد والعباد ، وشرائط سكان الرباط قطع المعاملة مع الخلق ، وفتح المعاملة مع الحق ، وترك الاكتساب اكتفاء بكفالة مسبب الأسباب ، وحبس النفس عن المخالطات ، واجتناب التبغات ، ومواصلة الليل والنهار بالعبادة متعوّضا بها عن كل عادة ، والاشتغال بحفظ الأوقات وملازمة الأوراد وانتظار الصلوات ، واجتناب الغفلات ، ليكون بذلك مرابطا مجاهدا. والرباط هو بيت الصوفية ومنزلهم ، ولكل قوم دار ، والرباط دارهم ، وقد شابهوا أهل الصفة في ذلك ، فالقوم في الرباط مرابطون متفقون على قصد واحد وعزم واحد وأحوال متناسبة ، ووضع الرباط لهذا المعنى. قال مؤلفه رحمهالله : ولاتخاذ الربط والزوايا أصل من السنة ، وهو أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، اتخذ لفقراء الصحابة الذين لا يأوون إلى أهل ولا مال مكانا من مسجده ، كانوا يقيمون به عرفوا بأهل الصفة.
رباط الصاحب
هذا الرباط مطل على بركة الحبش ، أنشأه الصاحب فخر الدين أبو عبد الله محمد بن الوزير الصاحب بهاء الدين أبي الحسن عليّ بن محمد بن سليم بن حنا ، ووقف عليه أبوه الصاحب بهاء الدين بعد موته عقارا بمدينة مصر ، وشرط أن يسكنه عشرة من الفقراء المجرّدين غير المتأهلين ، وذلك في ذي الحجة سنة ثمان وستين وستمائة ، وهو باق إلى