تشريف الوزارة إلى بيت الصاحب تاج الدين وقبل يده وجلس بين يديه ، ثم انصرف إلى داره ، وما زال على هذا القدر من وفور العز إلى أن تقلد الوزارة في يوم الخميس رابع عشري صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة ، بعد قتل الوزير الأمير سنجر الشجاعيّ ، فلم ينجب ، وتوقفت الأحوال في أيامه حتى احتاج إلى إحضار تقاوي النواحي المرصدة بها للتخضير واستهلكها ، ثم صرف في يوم الثلاثاء خامس عشري جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وستمائة بفخر الدين عثمان بن الخليليّ ، وأعيد الوزارة مرّة ثانية ، فلم ينجح ، وعزل وسلّم مرّة للشجاعيّ فجرّده من ثيابه وضربه شيبا واحدا بالمقارع فوق قميصه ، ثم أفرج عنه على مال ، ومات في رابع جمادى الآخرة سنة سبع وسبعمائة ، ودفن في تربتهم بالقرافة ، وكان له شعر جيد ، ولله درّ شيخنا الأديب جلال الدين محمد بن خطيب داريا الدمشقيّ البيسانيّ حيث يقول في الآثار :
يا عين إن بعد الحبيب وداره |
|
ونأت مرابعه وشطّ مزاره |
فلقد ظفرت من الزمان بطائل |
|
إن لم تريه فهذه آثاره |
وقد سبقه لذلك الصلاح خليل بن أيبك الصفديّ فقال :
أكرم بآثار النبيّ محمد |
|
من زاره استوفى السرور مزاره |
يا عين دونك فانظري وتمتعي |
|
إن لم تريه فهذه آثاره |
واقتدى بهما في ذلك أبو الحزم المدنيّ فقال :
يا عين كم ذا تسفحين مدامعا |
|
شوقا لقرب المصطفى ودياره |
إن كان صرف الدهر عاقك عنهما |
|
فتمتعي يا عين في آثاره |
رباط الأفرم
هذا الرباط بسفح الجرف الذي عليه الرصد ، وهو يشرف على بركة الحبش ، وكان من أحسن منتزهات أهل مصر. أنشأه الأمير عز الدين أيبك الأفرم أمير خازندار الصالحيّ النجميّ ، ورتب فيه صوفية وشيخا وإماما ، وجعل فيه منبرا يخطب عليه للجمعة. والعيدين ، وقرّر لهم معاليم من أوقاف أرصدها لهم ، وذلك في سنة ثلاث وستين وستمائة ، وهو باق إلّا أنّه لم يبق به ساكن لخراب ما حوله ، وله إلى اليوم متحصل من وقفه ، والأفرم هذا هو الذي ينسب إليه جسر الأفرم خارج مصر ، وقد ذكر عند ذكر الجسور من هذا الكتاب.
الرباط العلائي
هذا الرباط خارج مصر بخط بين الزقاقين شرقيّ الخليج الكبير ، يعرف اليوم بخانقاه المواصلة ، وهو آيل إلى الدثور لخراب ما حوله ، أنشأه الملك علاء الدين أبو الحسن عليّ