موفور ، وفي شهر ذي القعدة سنة إحدى وستين وسبعمائة ، حضر السلطان الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاون بخانقاه أبيه الملك الناصر في ناحية سرياقوس خارج القاهرة ، ومدّ له شيخ الشيوخ سماطا كان من جملة من وقف عليه بين يدي السلطان الشريف عليّ شيخ زاوية القلندرية هذه ، فاستدعاه السلطان وأنكر عليه حلق لحيته ، واستتابه وكتب له توقيعا سلطانيا منع فيه هذه الطائفة من تحليق لحاهم ، وأنّ من تظاهر بهذه البدعة قوبل على فعله المحرّم ، وأن يكون شيخا على طائفته كما كان ما دام وداموا متمسكين بالسنة النبوية ، وهذه البدعة لها منذ ظهرت ما يزيد على أربعمائة سنة ، وأوّل ما ظهرت بدمشق في سنة بضع عشرة وستمائة ، وكتب إلى بلاد الشام بإلزام القلندرية بترك زيّ الأعاجم والمجوس ، ولا يمكن أحد من الدخول إلى بلاد الشام حتى يترك هذا الزيّ المبتدع واللباس المستبشع ، ومن لا يلتزم بذلك يعزر شرعا ويقلع من قراره قلعا فنودي بذلك في دمشق وأرجائها يوم الأربعاء سادس عشر ذي الحجة.
قبة النصر
هذه القبة زاوية يسكنها فقراء العجم ، وهي خارج القاهرة بالصحراء تحت الجبل الأحمر بآخر ميدان القبق من بحريه ، جدّدها الملك الناصر محمد بن قلاون على يد الأمير جمال الدين أقوش نائب الكرك.
زاوية الركراكي
هذه الزاوية خارج القاهرة في أرض المقس ، عرفت بالشيخ المعتقد أبي عبد الله محمد الركراكيّ المغربيّ المالكيّ ، لإقامته بها ، وكان فقيها مالكيا متصدّيا لأشغال المغاربة ، يتبرّك الناس به إلى أن مات بها يوم الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، ودفن بها. والركراكيّ نسبة إلى ركراكة ، بلدة بالمغرب هي أحد مراسي سواحل المغرب بقرب البحر المحيط ، تنزل فيه السفن فلا تخرج إلّا بالرياح العاصفة في زمن الشتاء عند تكدّر الهواء.
زاوية إبراهيم الصائغ
هذه الزاوية بوسط الجسر الأعظم تطلّ على بركة الفيل ، عمرها الأمير سيف الدين طغاي بعد سنة عشرين وسبعمائة ، وأنزل فيها فقيرا عجميا من فقراء الشيخ تقيّ الدين رجب يعرف بالشيخ عز الدين العجميّ ، وكان يعرف صناعة الموسيقى وله نغمة لذيذة وصوت مطرب وغناء جيد ، فأقام بها إلى أن مات في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة ، فغلب عليها الشيخ إبراهيم الصائغ إلى أن مات ، يوم الاثنين رابع عشر شهر رجب سنة أربع وخمسين وسبعمائة ، فعرفت به.