مروان بقطع أيديهم وأرجلهم وقتلهم على بئر المغافر في هذا الموضع ، فسمي المسجد بهم لأنه بنى على آثارهم. والآثار الأقدام ، يقال جئت على قدم فلان أي على أثره ، وقيل بل أمرهم بالبراءة من عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه فلم يتبرّؤوا منه فقتلهم هناك. وقيل إنما سمي مسجد الأقدام لأنّ قبيلتين اختلفتا فيه ، كلّ تدّعي أنه من خطتها ، فقيس ما بينه وبين كلّ قبيلة بالأقدام وجعل لأقربهما منه. والقديم من هذا المسجد هو محرابه والأروقة المحيطة به ، وأما خارجه فزيادة الإخشيد ، والزيادة الجديدة التي في بحريه لسمعون الملقب بسهم الدولة متولى الستارة ، وكان من أهل السنة والخير. ويقال إنما سمي مسجد الأقدام لأنه كان يتداوله العباد ، وكانت حجارته كذانا (١) ، فأثر فيها موضع أقدامهم ، فسمي لذلك مسجد الأقدام.
مسجد الرصد
هذا المسجد بناه الأفضل أبو القاسم شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجماليّ بعد بنائه للجامع المعروف بجامع الفيلة ، لأجل رصد الكواكب بالآلة التي يقال لها ذات الحلق ، كما ذكر فيما تقدّم.
مسجد شقيق الملك
هذا المسجد بجوار مسجد الرصد ، بناه شقيق الملك خسروان صاحب بيت المال ، أحد خدّام القصر في أيام الخليفة الحافظ لدين الله في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ، وعمل فيه للحافظ ضيافة عظيمة حضر فيها بنفسه ، ومعه الأمراء والأستاذون وكافة الرؤساء ، وكان فيه كرم وسموّ همة ، وكان لمساجد القرافة والجبل عنده روزنامج بأسماء أربابها ، فينفد إليهم في أيام العنب والتين لكلّ مسجد قفص رطب ، ويرسل في كلّ ليلة من ليالي الوقود لكلّ مسجد خروف شواء وسطل جوذآب وجام حلوى ، ولا سيما إذا كان بائتا في هذا المسجد ، فإنه لا يأكل حتى يسير ذلك لمن اسمه عنده ، وكان يعمل جفان القطائف المحشوّة باللوز والسكر والكافور والمسك ، وفيها ما فيه بدل اللوز الفستق ، ويستدعى من لا يقدر على ذلك من أهل الجبل والقرافة وذوي البيوت المنقطعين ويأمر إذا حضروا بسكب الحلو والشيرج عليه بالجرار ، ويأمرهم بالأكل منه ، والحمل معهم ، وكان أحبهم إليه من يأكل طعامه ويستدعي برّه وأنعامه رحمهالله.
مسجد الانطاكيّ
هذا المسجد كان أيضا بالرصد ، وما برحت هذه المساجد الثلاثة بالرصد يسكنها
__________________
(١) الكذّان : حجارة رخوة ، وربما كانت نخره. الواحدة كذّانه.