سنة أربع وسبعين وخمسمائة ، بنى الحاجب لؤلؤ العادليّ برحبة الأندلس والرباط بستانا وأحواضا ومقعدا ، وجمع بين مصلّى الأندلس وبين الرباط بحائط بينهما ، وعمل ذلك لحلول العفيف حاتم بن مسلم المقدسيّ الشافعيّ به ، ولما مات السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ بدمشق في المحرّم سنة ست وسبعين وستمائة ، وقام من بعده في السلطنة ابنه الملك السعيد محمد بركة خان ، عمل لأبيه عزاء بالأندلس هذا ، فاجتمع هناك القرّاء والفقهاء وأقيمت المطابح وهيئت المطاعم الكثيرة وفرّقت على الزوايا ومدّت أسمطة عظيمة بالخيام التي ضربت حول الأندلس ، فأكل الناس على اختلاف طبقاتهم ، وقرأ القرّاء ختمة شريفة ، وعدّ هذا الوقت من المهمات العظيمة المشهورة بديار مصر ، وكان ذلك في المحرّم سنة سبع وسبعين وستمائة ، على رأس سنة من موت الملك الظاهر ، فقال في ذلك القاضي محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر.
يا أيها الناس اسمعوا |
|
قولا بصدق قد كسي |
إنّ عزا السلطان في |
|
غرب وشرق ما نسي |
أليس ذا مأتمه |
|
يعمل في الأندلس |
ثم عمل بعد ذلك مجتمع في المدرسة الناصرية بجوار قبة الشافعيّ من القرافة ، ومجتمع بجامع ابن طولون ، ومجتمع بجامع الظاهر من الحسينية خارج القاهرة ، ومجتمع بالمدرسة الظاهرية بين القصرين ، ومجتمع بالمدرسة الصالحية ، ومجتمع بدار الحديث الكاملية ، ومجتمع بالخانقاه الصلاحية لسعيد السعداء ، ومجتمع بالجامع الحاكميّ ، وأقيم في كلّ واحد من هذه المجتمعات الأطعمة الكثيرة ، وعمل للتكاررة خوان ، وللفقراء خوان ، حضره كثير من أهل الخيل والصلاح فقيل في ذلك :
فشكرا لها أوقات برّ نقبلت |
|
لقد كان فيها الخير والبرّ أجمعا |
لقد عمّت النعمى بها كلّ موطن |
|
سقتها الغوادي مربعا ثم مربعا |
ولما مضى السلطان لما يمض جوده |
|
وخلّف فينا برّه متنوّعا |
فتى عيش في معروفه بعد موته |
|
كما كان بعد السيل مجراه مرتعا |
فدام له منّا الدعاء مكرّرا |
|
مدى دهرنا والله يسمع من دعا |
مسجد البقعة
هذا المسجد مجاور لمسجد الفتح من غربيه ، بناه الأمير أبو منصور صافي الأفضلي.
مسجد الفتح
هذا المسجد المشهور بجوار قبر الناطق ، بناه شرف الإسلام سيف الإمام يانس الروميّ وزير مصر ، وسمي بالفتح لأن منه كان انهزام الروم إلى قصر الشمع حين قدم الزبير بن