من خراج فلسطين جملة ، وجدّد بناء الكنائس وأنشأ مارستانا ببيت المقدس للمرضى ، ووسع في بناء كنيسة بيت لحم ، وبنى ديرا بطور سيناء ، وعمل عليه حصنا حوله عدّة قلالي (١) ورتب فيها حرسا لحفظ الرهبان. وفي أيامه كان المجمع الخامس من مجامع النصارى ، وسببه أن أريحانس أسقف مدينة منبج (٢) قال بتناسخ الأرواح ، وقال كلّ من أسقف أنقرة وأسقف المصيصة وأسقف الرها أن جسد المسيح خيال لا حقيقيّ ، فحملوا إلى القسطنطينية وجمع بينهم وبين بطركها أوطس وناظرهم وأوقع عليهم الحرمان ، فأمر الملك أن يجمع لهم مجمع ، وأمر بإحضار البطاركة والأساقفة ، فاجتمع مائة وأربعون أسقفا وحرموا هؤلاء الأساقفة ومن يقول بقولهم ، فكان بين المجمع الرابع الخلقدونيّ وبين هذا المجمع مائة وثلاث وستون سنة. ولما مات القائد الذي عمل بطرك الإسكندرية بعد سبع عشرة سنة ، أقيم بعده يوحنا ، وكان منانيا ، فأقام ثلاث سنين ومات ، وقدّم اليعاقبة بطركا اسمه تاوداسيوس ، أقام مدّة اثنتين وثلاثين سنة ، وقدّم الملكية بطركا اسمه داقيوس ، فكتب الملك إلى متولي الإسكندرية أن يعرض على بطرك اليعاقبة أمانة المجمع الخلقدونيّ ، فإن لم يقبلها أخرجه ، فعرض عليه ذلك فلم يقبله ، فأخرجه وأقام بعده بولص التنيسيّ فلم يقبله أهل الإسكندرية ، ومات فغلقت كنائس القبط اليعاقبة ، وأصابهم من الملكية شدائد كثيرة ، واستجدّ اليعاقبة بالإسكندرية كنيستين في سنة ثمان وأربعين ومائتين لدقلطيانوس ، ومات تاوداسيوس ثامن عشري بؤنة بعد اثنتين وثلاثين سنة من بطركيته ، منها مدة أربع سنين مدة نفيه في صعيد مصر وأقيم بعده بطرس وكان يعقوبيا في خفية بدير الزجاج بالإسكندرية قدّمه ثلاثة أساقفة ، فأقام سنتين ومات في خامس عشري بؤنة ... (٣) من اليعاقبة سنة واحدة. وفي سنة إحدى وثمانين وثمانمائة ، أقيم داميانو بطركا بالإسكندرية ، وكان يعقوبيا ، فأقام ستا وثلاثين سنة ومات ، في ثامن عشري بؤنة ، وفي أيامه خربت الديارات ، وأقام الملكية لهم بالإسكندرية بطركا منانيا اسمه أتناس ، فأقام خمس سنين ومات ، فأقيم بعده يوحنا وكان منانيا ، ولقب القائم بالحق ، فأقام خمسة أشهر ومات ، فأقيم بعده يوحنا القائم بالأمر ، وكان ملكيا فأقام إحدى عشرة سنة ومات ، وفي أيام الملك طيباريوس ملك الروم بنى النصارى بالمدائن ، مدائن كسرى ، هيكلا ، وبنوا أيضا بمدينة واسط هيكلا آخر. وفي أيام الملك موريق قيصر ، زعم راهب اسمه مارون ، أن المسيح عليهالسلام طبيعتان ومشيئة واحدة واقنوم واحد ، فتبعه على رأيه أهل حماه وقنسرين والعواصم وجماعة من الروم ودانوا بقوله ، فعرفوا بين النصارى بالمارونية ، فلما مات مارون بنوا على اسمه دير مارون بحماه. وفي أيام فوقا ملك الروم بعث كسرى ملك فارس جيوشه إلى بلاد الشام ومصر ، فخرّبوا
__________________
(١) القلالي : جمع قلّاية. مكان إقامة الأسقف.
(٢) منبج : مدينة كبيرة واسعة بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ وبينها وبين حلب عشرة فراسخ.
(٣) بياض في الأصل.