سبع ومائة ، واشتدّ أيضا أسامة بن زيد التنوخيّ متولي الخراج على النصارى ، وأوقع بهم وأخذ أموالهم ، ووسم أيدي الرهبان بحلقة حديد فيها اسم الراهب واسم ديره وتاريخه ، فكل من وجده بغير وسم قطع يده ، وكتب إلى الأعمال بأن من وجد من النصارى وليس معه منشور أن يؤخذ منه عشرة دنانير ، ثم كبس الديارات وقبض على عدّة من الرهبان بغير وسم ، فضرب أعناق بعضهم وضرب باقيهم حتى ماتوا تحت الضرب ، ثم هدمت الكنائس وكسرت الصلبان ومحيت التماثيل وكسرت الأصنام بأجمعها ، وكانت كثيرة في سنة أربع ومائة ، والخليفة يومئذ يزيد بن عبد الملك ، فلما قام هشام بن عبد الملك في الخلافة ، كتب إلى مصر بأن يجري النصارى على عوايدهم وما بأيديهم من العهد ، فقدم حنظلة بن صفوان أميرا على مصر في ولايته الثانية ، فتشدّد على النصارى وزاد في الخراج ، وأحصى الناس والبهائم ، وجعل على كلّ نصرانيّ وسما صورة أسد ، وتتبعهم ، فمن وجده بغير وسم قطع يده ، ثم أقام اليعاقبة بعد موت الإسكندروس بطركا اسمه قسيما ، فأقام خمسة عشر شهرا ومات ، فقدّموا بعده تادرس في سنة تسع ومائة بعد إحدى عشرة سنة. وفي أيامه أحدثت كنيسة يوقنا بخط الحمراء ظاهر مدينة مصر ، في سنة سبع عشرة ومائة ، فقام جماعة من المسلمين على الوليد بن رفاعة أمير مصر بسببها.
وفي سنة عشرين ومائة قدّم اليعاقبة ميخائيل بطركا ، فأقام ثلاثا وعشرين سنة ومات. وفي أيامه انتقض القبط بالصعيد وحاربوا العمال في سنة إحدى وعشرين ، فحوربوا وقتل كثير منهم ، ثم خرج بجنس بسمنود وحارب وقتل في الحرب ، وقتل معه قبط كثير في سنة اثنتين وثلاثين ومات ، ثم خالفت القبط برشيد ، فبعث إليهم مروان بن محمد لما قدم مصر وهزمهم وقبض عبد الملك بن موسى بن نصير أمير مصر على البطرك ميخائيل ، فاعتقله وألزمه بمال ، فسار بأساقفته في أعمال مصر يسأل أهلها ، فوجدهم في شدائد ، فعاد إلى الفسطاط ودفع إلى عبد الملك ما حصل له ، فأفرج عنه ، فنزل به بلاء كبير من مروان ، وبطش به وبالنصارى ، وأحرق مصر وغلاتها وأسر عدّة من النساء المترهبات ببعض الديارات ، وراود واحدة منهنّ عن نفسها ، فاحتالت عليه ودفعته عنها بأن رغبته في دهن معها إذا ادّهن به الإنسان لا يعمل فيه السلاح ، وأوثقته بأن مكنته من التجربة في نفسها ، فتمت حيلتها عليه ، وأخرجت زيتا ادّهنت به ، ثم مدّت عنقها فضربها بسيفه أطار رأسها ، فعلم أنها اختارت الموت على الزنا ، وما زال البطرك والنصارى في الحديد مع مروان إلى أن قتل ببوصير ، فأفرج عنهم. وأما الملكية فإن ملك الروم لاون أقام قسيما بطرك الملكية بالإسكندرية في سنة سبع ومائة ، فمضى ومعه هدية إلى هشام بن عبد الملك ، فكتب له بردّ كنائس الملكية إليهم ، فأخذ من اليعاقبة كنيسة البشارة ، وكان الملكية أقاموا سبعا وسبعين سنة بغير بطرك في مصر ، من عهد عمر بن الخطاب رضياللهعنه إلى خلافة هشام بن عبد الملك ، فغلب اليعاقبة في هذه المدّة على جميع كنائس مصر وأقاموا بها منهم أساقفة ،