أحسن والله ، فقال : هذا ما صنع ، فإذا صنعت أنت به؟ فأخبرته أنّي حكّمته فاحتكم وضمنت له قضاء حوائجه ، فقال لي : أحسنت ودعا بما رأيتم (١) حتى استتم له كما سأل.
قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمّد الفقيه ، عن أبي الفتح نصر بن إبراهيم ، عن أبي الحسن بن السّمسار ، أنا أبو الحسن محمّد بن يوسف البغدادي ، نا الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرّع (٢) ، نا الرياشي ـ يعني العباس بن الفرج ـ نا الأصمعي ، قال :
كنت عند الرشيد ودعا بعبد الملك بن صالح ، وكان معتقلا في حبسه ، فأقبل يرفل (٣) في قيوده ، فلما مثل بين يديه التفت الرشيد وقد كان يحدث يحيى بن خالد بن برمك وهو يتمثل ببيت عمرو بن معدي كرب الزّبيدي الذي تمثّل به علي بن أبي طالب (٤) :
أريد حباءه (٥) ويريد قتلي |
|
عذيرك من خليلك من مراد |
ثم قال : يا عبد الملك كأنّي والله أنظر إلى شؤبوبها (٦) قد همع (٧) ، وإلى عارضها قد لع وكأني بالوعيد قد أورى نارا ، فأبرز عن براجم (٨) بلا معاصم ، ورءوس بلا غلاصم (٩). فمهلا مهلا بني هاشم ، فيّ (١٠) ، والله سهّل لكم الوعر ، وصفّى لكم الكدر ، وألقت إليكم الأمور أزمتها (١١) ، فبدار تدرككم (١٢) من حلول داهية أو خبوط باليد والرجل.
فقال عبد الملك : أتكلم (١٣) يا أمير المؤمنين؟ قال : قل ، قال (١٤) : اتّق الله يا أمير المؤمنين فيما ولّاك ، واحفظه (١٥) في رعاياك التي استرعاك ، ولا تجعل الكفر موضع الشكر ، والعقاب بموضع الثواب ، فقد والله سهّلت لك الوعور ، وجمعت على خوفك ورجائك
__________________
(١) الأصل وم : رأيت ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٢) الخبر من طريقه في مروج الذهب ٣ / ٤٢٠.
(٣) أي يجرّ.
(٤) شعر عمرو بن معدي كرب ٩٢.
(٥) في م : حياته.
(٦) الشؤبوب : الدفعة القوية من المطر.
(٧) همع : سال وانصبّ.
(٨) البراجم : المفاصل ، والبرجمة : مفصل الإصبع.
(٩) الغلاصم : جمع غلصمة ، وهي اللحم بين الرأس والعنق.
(١٠) كذا بالأصل ، وفي م : «فتى» وفي المختصر ١٥ / ١٩٦ «فبي» واللفظة سقطت من مروج الذهب.
(١١) ما بين الرقمين مضطرب بالأصل والعبارة فيه : «اثنا ان متمنا فتداز تدارككم».
(١٢) ما بين الرقمين مضطرب بالأصل والعبارة فيه : «اثنا ان متمنا فتداز تدارككم».
(١٣) ما بين الرقمين في مروج الذهب :
أفذا أتكلم أم توأما؟ فقال : توأما. فقال :.
(١٤) ما بين الرقمين في مروج الذهب :
أفذا أتكلم أم توأما؟ فقال : توأما. فقال :.
(١٥) مروج الذهب : وراقبه.