شيخ أهل النحو ، وحافظ علم العربية ، كان من أهل البصرة فسكن بغداد ، وروى بها عن أبي عثمان المازني ، وأبى حاتم السّجستانيّ ، وغيرهما من الأدباء. وكان عالما فاضلا موثوقا به في الرواية ، حسن المحاضرة ، مليح الأخبار ، كثير النوادر.
حدّث عنه نفطويه النحوي ، ومحمّد بن أبي الأزهر ، وإسماعيل بن محمّد الصّفّار ، وأبو بكر الصولي ، وأبو عبد الله الحكيمي ، وأبو سهل بن زياد ، وأبو على الطومارى ، وجماعة يتسع ذكرهم.
حدّثنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدّثنا أبو على الحسين بن القاسم الكوكبي قال قال لي أبو العبّاس المبرد : كنت أناظر بين يدي جعفر بن القاسم فكان يقول : أراك عالما ، أراك عالما ، فكان هذا يحفظني ، فلما رأى ذلك منى قال : إن قولي لك أراك عالما ليس أنك عندي قبل اليوم على غير هذه الحال ثم انتقلت إليها ، ولكن على قول الله تعالى : (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار ١٩] وإن كان الأمر اليوم ويومئذ لله.
أخبرني على بن أبي على البصريّ حدّثني أبي حدّثني أبو على الحسن بن سهل بن عبد الله الإيذجى حدّثني أبو عبد الله المفجع قال : كان المبرد لعظم حفظه اللغة واتساعه فيها ، يتهم بالكذب ، فتواضعنا على مسألة لا أصل لها نسأله عنها لننظر كيف يجيب ، وكنا قبل ذلك قد تمارينا في عروض بيت الشّاعر :
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا
فقال بعضنا : هو من البحر الفلاني ، وقال آخرون : هو من البحر الفلاني ، فقطعناه وتردد على أفواهنا من تقطيعه ألق بعض ، فقلت له : أنبئنا أيدك الله ، ما القبعض عند العرب؟ فقال المبرد : القطن ، يصدق ذلك قول أعرابى :
كأنّ سنامها حشى القبعضا
__________________
(١) ١٨١٤ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٩٨ في المطبوعة.
انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ٣٨٨.