وبلغ عدد تلاميذ الأزهر في أوائل القرن التاسع للهجرة ـ أي نحو عام ٨١٨ ه ـ ٧٥٠ طالبا من طوائف مختلفة ، وكانوا مقيمين في الجامع ومعهم صناديقهم وخزائنهم يتعلمون فيه في الفقه والحديث والنحو والمنطق ، وزادوا في عصر العثمانيين على ذلك زيادة كبيرة.
وفي كتاب التعليم العام في مصر ما يفيد أن العلوم التي كانت تدرس غالبا بالأزهر حتى منتصف القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) هي الآداب والفقه التوحيد.
وكانت تدرس أحيانا بصفة استثنائية علوم الفلك ، والعلوم الرياضية ، والعلوم الطبيعية ، والتجريبية ، إجمالا.
واشتدت المنافسة الفكرية التي كانت بين المذاهب في الأزهر ، والتي أدت إلى ظهور المذهب الشافعي على سائر المذاهب ، حيث نرى منذ هذا الوقت المذاهب كلها تدرس سويا بالأزهر ، إلا أن المشيخة كانت في الغالب للشافعيين. والمنافسة كما يدلنا التاريخ كانت شديدة على هذا المنصب ، وكانت في أكثر الأوقات تدور بين المذهبين الشافعي والحنفي ، والمذهب الحنفي كان غالبا مذهب الأمراء والولاة من الأكراد والمماليك والأتراك. ولا زلنا للآن نجد المذهب الحنفي في صف السلطة القضائية في هيئة الحكم ، فعليه تسير المحاكم الشرعية في قضائها. ويرى الأستاذ «فولر» أن وجود جدث الامام الشافعي الطاهر في مسجده المنيف ، وكذلك سلطانه الروحي في نفوس الأهالي ، مما ساعدا على كثرة أتباعه. وقد يكون هذا صحيحا ، والواقع أن مرجع هذه المنافسة يعود إلى خلاف في طبيعة المذهبين.
ومهما يكن من أمر فالأزهر في كل عصوره حتى حكم محمد علي كان مركز التعليم الذي تدور حوله الحركة العلمية في البلاد ، ولهذا المركز الممتاز أدت هذه الجامعة خدمتين من أجل الخدمات التي لها أثرها الواضح في حياة مصر الاجتماعية والسياسية عامة : الأولى عمله على نشر