والأصول إحدى هذه الشعب ، وهي تعد خريجها لتولي وظائف القضاء الشرعي في الدولة ، وقد مهدت لإلغاء مدرسة القضاء الشرعي فيما بعد ، واستعيدت حقوق الأزهريين في شغل هذه الوظائف بعد أن سلبت منهم حقبة طويلة .. وعنى بالتوسع في دراسة العلوم الحديثة في المرحلتين الابتدائية والثانوية بالمعاهد الدينية على غرار ما يدرس منها في المدارس الأخرى.
وأنشىء لهذه العلوم تفتيش مستقل بإدارة المعاهد ، وزودت المعاهد بالمعامل اللازمة لدراستها ، وعين كثير من العلماء ممن تميز في هذه المواد لتدريسها ، وقد عدلت هذه البرامج فيما بعد بما يتفق ومكانها من العلوم الدينية ، وتم إنشاء القسم الثانوي لمعهد أسيوط وكان ابتدائيا ، ثم إنشاء معهد الزقازيق.
وظل الأزهر يخطو نحو غايته مسرعا إذ وضع الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الازهر مذكرته في إصلاح الازهر ، تلك المذكرة التي تعتبر دستور الازهر الحديث ، وكل ما يلهج به دعاة الإصلاح بعدها فهو مقتبس منها أو مستمد من مبادئها وروحها ، فقانونا سنتي ١٩٣٠ ، ١٩٣٦ هما في الحقيقة قانون واحد صيغا من مبادئها وفصلا إجمالها ، وبهذين القانونين على الأصح انتقل الأزهر من حال الاضطراب الثقافي إلى حال الاستقرار النهائي ، ومن حال العزلة التي نكرها على نفسه وأنكرها الناس منه إلى حال المشاركة في شؤون الأمة العامة ، فقد جعلت العالم الأزهري عضوا حيا في أمته يفيد منها وتفيد منه ، ورسمت له غايته والوسائل التي تعينه على أدائها ، وشمل القانون الذي استمد منها نواحي إصلاحية كثيرة ، والذي يعنينا منها هنا الناحيتان العلمية والمالية.
أما الناحية العلمية فأهمها تقسيم الدراسة العالية لأول مرة في تاريخ الأزهر إلى ثلاثة اقسام ، يعد كل قسم منها خريجيه لمهمة خاصة بعد إعداده لهذه المهمة إعدادا فنيا في أقسام أخرى تلى هذه الأقسام تسمى «أقسام التخصص في المهنة».