المحدثين فيما تمس الحاجة إليه مما هو متصل بالدين ، أصوله وفروعه ، وعرفوا بعض اللغات التي تمكنهم من الاتصال بآراء العلماء والاستزادة من العلم وتمكنهم من نشر الثقافة الإسلامية في البلاد التي لا تعرف اللغة العربية ، هذا كله يحتاج إلى جهود تتوافر عليه وإلى التساند التام بين العلماء والطلبة والقوامين على التعليم ، ويحتاج إلى العزم والتصميم على طي مراحل السير في هدوء ونظام وحب وصدق نية وكمال توجه إلى الله وحب للعلم لا يزيد عليه إلا حب الله وحب رسوله.
وللمسلمين في الأزهر آمال ، ومن الحق أن يتنبه أهله لها وهي :
أولا ـ تعليم الأمم الإسلامية المتأخرة في المعارف وهدايتها إلى أصول الدين وإلى فهم الكتاب والسنة ومعرفة الفقه الإسلامي وتاريخ الإسلام ورجاله ، وقد كثر تطلع هذه الأمم إلى الأزهر في هذه الأيام وزاد قاصدوه منها أفرادا وجماعات ، واشتد طلبها لعلماء الأزهر يرحلون إليها لأداء أمانة الدين وهي بيانه ونشره.
ثانيا ـ إثارة كنوز العلم التي خلفها علماء الإسلام في العلوم الدينية والعربية والعقلية وهي مجموعة مرتبط بعضها ببعض ، وتاريخها متصل الحلقات ، وقد حاول العلماء كشفها فنقبوا عنها وبذلوا جهودا مضنية وعرضوا نتائج بعضها صحيح وكثير منها غير صادق ، وعذرهم أنهم لم يدرسوا هذه المجموعة دراسة واحدة على أن بعضها متصل بالآخر ، كما هو الحال في دراسة الأزهر .. فإذا وفق الله أهل الأزهر إلى التعمق في دراسة هذه المجموعة قديمة حديثة ودراسة المعارف المرتبطة بها وأتقنوا طرق العرض الحديثة أمكنهم أن يعرضوا هذه الآثار عرضا صحيحا صادقا بلغة يفهمها أهل العصر الحديث وإذ ذاك يكونون أداة اتصال جيدة بين الحاضر والماضي ويطلعون العالم على ما يبهر الأنظار من آثار الأقدمين ، وأعتقد أن التعليم الأزهري على النحو الذي أشرت إليه هو الذي يرجى لتحقيق الأمل ، وأنه مدخر لأبنائه إن شاء الله.