الجمعة الرسمية ما تزال على عهدها تلقى بالجامع الأزهر حتى أواخر الدولة الفاطمية (١).
وكان الخليفة يلقي خطب الجمعة في شهر رمضان بالجامع الأزهر قبل إنشاء الجامع الحاكمي وغيره من المساجد الفاطمية الجامعة ، وكان يستريح الجمعة الأولى ويلقي الخطبة في الجمع الثلاث الأخيرة. وكان يركب إلى الصلاة في هيئة مخصوصة ويؤديها وفقا لرسوم وتقاليد معينة ، وقد انتهت إلينا من أقوال المؤرخين المعاصرين نبذ شائقة في وصف هذه المواكب والرسوم المذهبية الفخمة ، فمثلا يقول لنا المسبحي في حوادث سنة ٣٨٠ ه ما يأتي :
«وفي يوم الجمعة غرة رمضان سنة ثمانين وثلثمائة ركب العزيز بالله إلى جامع القاهرة بالمظلة الذهبية ، وبين يديه نحو خمسة آلاف ماش وبيده القضيب ، وعليه الطيلسان والسيف ، فخطب وصلى صلاة الجمعة وانصرف ، فأخذ رقاع المتظلمين بيده وقرأ منها عدة في الطريق ، وكان يوما عظيما ذكرته الشعراء» (٢).
وكان للجامع الأزهر يستأثر منذ عهد المعز لدين الله حتى قيام الجامع الحاكمي بالخطب الرسمية الثلاث في رمضان ، ثم كانت تلقى هذه الخطب بعد ذلك على الترتيب الآتي : الأولى بالجامع الحاكمي (أو الجامع الأنوار) ، والثانية بالجامع الأزهر ، والأخيرة بالجامع العتيق أو جامع عمرو ، وقد نقل المؤرخون المتأخرون عن ابن الطوير وغيره من المؤرخين المعاصرين هيئة صلاة الجمعة في هذه الأيام المشهودة. وبيان ذلك ـ كما يقول عنان ـ أن يركب الخليفة في موكبه الفخم إلى الجامع ويخرج من باب الذهب والمظلة بمشدة الجوهر على رأسه ، وقد ارتدى
__________________
(١) راجع النجوم الزاهرة ٥ ص ١٧٦ حيث يذكر أن خطبة الجمعة كانت تلقي بالإزهر حتى عهد الآمر بأحكام الله (٤٩٦ ـ ٥٢٥ ه)
(٢) المقريزي عن المسبحي في الخطط ج ٤ ص ٦١