المعنى لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه. قوله : (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ*) قيل النبوة والحكمة ، وقيل بفتح مكة والطائف وخيبر ، وقيل بخضوع من استكبر ، والصحيح بدخول الجنة.
قوله : (وَيَهْدِيَكَ) المراد يثبتك على الهدى كما في قوله : («يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ» يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) وأمثال ذلك. قوله (صِراطاً مُسْتَقِيماً*) المراد به هنا الإسلام ... وآخر جملة في هذه الرسالة هي (وأما من جهة علم التصوف) ، ثم يتلوها بياض بالأصل مقداره نحو ثلاثة أسطر بخط السيوطي الدقيق. وإذا كان لم يصل إلينا ما كتبه السيوطي في تصديره عن التصوف فإن بعض المؤلفين أشار في تحديد معاني الفتح إلى معنى هو أقرب إلى معاني الصوفية. قال الراغب في كتابه (المفردات في غريب القرآن) : وقوله : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) قيل عن فتح مكة ، وقيل بل عنى ما فتح على النبي من العلوم والهدايات التي هي ذريعة إلى الثواب والمقامات المحمودة التي صارت سببا لغفران الذنوب ، ولعل هذا المعنى هو الذي عبر عنه بعض المفسرين بالإلهام.
ـ ٣ ـ
الحفنى شيخ الأزهر :
كان شيخ الأزهر الحفني (١١٠٠ ه ـ ١٦٩٨ م ـ ١١٨١ ه ـ ١٧٦٧ ه) شجاعا في الحق شجاعة نادرة. تخاصم علي بك الكبير مع طائفة كبيرة من الأمراء وتفاقم بينهم الشر حتى أوشك أن ينتهي إلى الحرب. واجتمع لذلك كبار القوم ومعهم الشيخ الحنفي. فعارض الميل إلى الحرب معارضة شديدة ، لما يصيب الناس من شرها. وقال للأمراء : إنكم خربتم البلاد ، بحربكم وخصامكم. ثم أرسل إلى علي بك ، وكان خارج القاهرة ، كتابا شديدا فيه زجر وعظة ونصيحة. وقد انفرد علي بك بعد ذلك بحكم مصر ، وفتح الشام والحجاز ، وكان مع ذلك لا يستطيع مخالفة الشيخ. وله مع الأمراء والولاة مواقف من الشجاعة والصلابة يطول بنا الحديث عنها. وكان لا يتم أمر من أمور الدولة ، إلا بعلمه وإذنه. وكانت له