أراد من العلماء لتلقي العلم عنه ، ويبقى فيه ما شاء أن يقيم ، فاذا آنس من نفسه علما كافيا ، وملكة يتمكن بها من إفادة غيره ، استأذن أساتذته ، وجلس للتدريس حيث يجد مكانا خاليا ، وعرض نفسه على الطلبة ، فكانوا إذا لم يجدوا فيه الكفاية للإفادة انفضوا من حوله ، وإذا وجدوه على علم وثقوا به ، واستمروا على تلقي العلم عنه ، وحينئذ يجيزه شيخ الأزهر إجازة.
ولما كان أساس التعليم فيه دينيا ابتداء على الطريقة التي كان السلف يدرسون عليها الدين ، وعلومه ، فكانت الدروس تعقد به حلقات ، يتصدر كل حلقة أستاذها ، وقد يجلس على كرسي ليتمكن من إسماع طلبته الكثيرين.
وكان عماد الدراسة إذ ذاك النقاش والحوار بين الطلبة وأساتذتهم بما يثقف العقل وينمي ملكة الفهم ، وظلوا على ذلك مدة طويلة إلى أن أقتضى الحال وضع قوانين خاصة للأزهر وطلبته وعلمائه وإدارته والدراسة فيه.
قوانين الأزهر
أول قانون وضع للأزهر في عهد إسماعيل والى مصر الأسبق سنة ١٢٨٨ ه سنة ١٨٧٢ م ، وكان شيخ الأزهر وقتئذ الشيخ محمد المهدي العباسي.
وقد نظم هذا القانون طريقة نيل شهادة العالمية ، وبين مواد امتحانها ، وقسم الناجحين فيها إلى ثلاث درجات : (أولى ، وثانية ، وثالثة) ، على أن تصدر بذلك براءة ملكية بتوقيع ولي الامر ، والمواد التي بينها ذلك القانون والتي يدرسها الطلبة ويمتحنون فيها هي : الأصول ، الفقه ، التوحيد ، الحديث ، التفسير ، النحو ، الصرف ، المعاني ، البيان ، والبديع ، المنطق.
ولكن مما يؤسف له أن هذا القانون لم يستطع أن ينهض بالأزهر النهضة المرغوبة ، ولم يتجاوز بمواد الامتحان لنيل شهادة العالمية «الاحد