التحقيق العلمي ، وأن تحيا الكتب القديمة الجيدة في الأسلوب والوضع. فهذا الميراث العظيم يجب أن يؤخذ كله سلسلة متصلة الحلقات.
«هذا الذي نحاوله بالتجديد يجب على ما أرى أن يضعه الناس أمامهم ، وأن يجدوا للوصول إليه ، وهو غاية يقل في جانبها كل جهد ، ويرخص في سبيلها كل ما يبذل للوصول إليها. ولقد كان أسلافنا أشد الناس عناية بالعلم ، فلم يمض الزمن القليل حتى أخذوا علم اليونان وأدب الفرس وحكمة الهند ، واستعانوا بذلك كله في تفسير القرآن ، وفي وضع علم الكلام على الأسس التي نراها في مثل المواقف والمقاصد ، واستعانوا به في تنظيم مسائل العلوم جميعها ، فلم يخل علم من أثر الفلسفة والمنطق. ولقد كانت لهم محاولات جديرة بالاعجاب في التوفيق بين الدين ونظريات الفلسفة. وقد أخذ العلم يسير في هذا العصر سيرة جديدة ، وتغيرت نظريات الفلسفة وحدثت نظريات أخرى ، وكان من شأن ذلك كله أن توجه على الأديان جملة ، وعلى الإسلام خاصة ، حملات ، وصار من الواجب الحتم على علماء المسلمين أن يحيطوا علما بكل ما يوجه إلى الأديان عامة ، وإلى الإسلام خاصة من مطاعن ، وأن يردوا تلك المطاعن التي توجه إلى الإسلام ، ويذودوا عن عقيدتهم بأدلة ناصعة ، وأسلوب مقنع ممتع ، ليجنبوا المتعلمين تعليما مدنيا الشبه الزائفة ، وليضموا إلى الإسلام أفرادا وشعوبا من الأمم التي تتطلع إلى الإسلام ، وتبتغي الوقوف على خصائصه ومزاياه. وهذا لا يتم لهم على ما ينبغي إلا بالاتصال بغيرهم اتصالا علميا وبتعرف اللغات الحية التي يكثر فيها الإنتاج العلمي ، والتي يتناول بها العلماء مسائل الإسلام ومسائل اللغة العربية. لذلك وجب أن يكون لأهل الأزهر نصيب من هذه اللغات. وهناك فائدة أخرى لتعليم اللغات ، وهي أنها تساعد على معرفة طريقة وضع الكتب ، وعلى معرفة الاسلوب الحديث في التأليف والتفكير ، وطريقة عرض المسائل على أنظار المتعلمين.
«ولا ندعى أن إصلاح القانون ، وتنفيذ هذا المشروع ، يحقق