أن يغادر الأفغاني أرض مصر قال : «إني تركت في أرض مصر الشيخ محمد عبده يتم ما بدأت به».
وبعد شهور عفا توفيق عن محمد عبده ، وأسند إليه رياض باشا التحرير في الوقائع ، فاختار معه سعد زغلول وجماعة من زملائه من تلامذة جمال الدين ؛ وكون محمد عبده عن طريق الوقائع مدرسة صحفية نزيهة غايتها خدمة الشعب ، وتحريره فكريا وقوميا من قيود الاستعباد والاستبداد والرجعية والجهل والجمود والتأخر.
وقامت الثورة العرابية ، وكان محمد عبده من أبرز زعمائها ، وكان جمال الدين آنذاك في الهند ، فاعتقلته بريطانيا حتى لا يتصل بزعماء الثورة ، وانتهت الحركة العرابية بالفشل والاحتلال البريطاني لمصر ، وقبض على محمد عبده وسجن وحوكم ، وحكم عليه بالنفي ثلاث سنوات ، فاختار سوريا منفى له. وأفرجت بريطانيا عن جمال الدين. وسافر من الهند إلى لندن فباريس. وهناك استدعي جمال الدين محمد عبده من بيروت ليقيم معه في عاصمة فرنسا.
(٣)
وفي باريس أخذ الإمامان يجاهدان من أجل الشرق الإسلامي وتحرره ، ويعملان ليعود للإسلام مجده وألفا جمعية «العروة الوثقى» عام ١٨٨٤ م ، ثم أصدرا صحيفة باسم «العروة الوثقى» للجهاد في سبيل الشرق والإسلام. وخلق الوعي السياسي المستنير في الشعوب الإسلامية «ومناهضة الحكم الديكتاتوري» والعمل على إحياء الأخوة الإسلامية ، وعلى قيام حكم ديمقراطي شورى بين الناس.
وصدر العدد الأول من العروة الوثقى في ٥ جمادى الأولى ١٣٠١ ه ـ ١٣ مارس ١٨٨٤ م ، وكله حرب على الاستعمار الغربي في بلاد المسلمين ، ودعوة إلى حكومة إسلامية موحدة أو حكومات إسلامية