ومعهد سمنود ومن ذلك يتبين أن الأزهر سار في سياسة التوسع على خطة مرسومة أساسها الإحصائيات وسد حاجات الطلاب المقبولين في المعاهد الدينية وتزايدهم سنة بعد سنة.
وحين كانت الظروف المالية لا تسمح بإنشاء معاهد جديدة أو فصول ثانوية جديدة ، كان الأزهر يضطر إلى فرض قيد على قبول الطلاب ، فيحدد عدد من يقبلون في السنة الأولى الإبتدائية في جميع المعاهد. وقد كان لهذه السياسة ضرر على الطلاب أنفسهم ، فقد كانوا على رغم استعدادهم ورغم صرفهم سنين في حفظ القرآن الكريم يصرفون في سنة متأخرة عن الدراسة التي أهلوا أنفسهم لها واستعدوا للسير فيها. وهذا بدوره يثبط روح الأمل ، ويقعد بزهرة الطلاب قد تكون فيهم كفاية ناضجة عن مواصلة التعليم ، وتبقيهم في بلادهم على مضض منهم ، فيصرفون جهودهم إلى أشياء أخرى قد يكون فيها ضرر على المجتمع. والأزهر حين اضطر إلى هذا التحديد كان يركن إليه لصالح الدراسة ومراعاة القواعد ، من عدم جمع أكثر من أربعين طالبا في فصل واحد ، وكان الغرض منه أولا مراعاة إمكانيات المعاهد ، وعدم توافر الفصول اللازمة لهؤلاء الطلاب ، وعدم وجود المدرسين اللازمين لتعليمهم.
وثمة عامل آخر كان يراعيه الأزهر في هذا التحديد هو ملاحظة حاجة البلاد إلى المتخرجين في سنوات كانت الأزمة الاقتصادية فيها مستفحلة ، وكان مستقبل الخريجين فيها مظلما لا يبشر تقدم. وفي الحق لقد عانى الأزهر من سياسة التوسع في تخريج العلماء والمدرسين معاناة شديدة ، فقد جاء وقت كان المتخرجون فيه أكثر من حاجة البلاد ، مما اضطر معه الأزهر في سبيل التخفيف عنهم إلى النزول بمرتباتهم إلى مستوى ضئيل ، ومع ذلك كانوا يقبلون على هذه الوظائف إقبالا شديدا ، فكان العالم المتخصص يمنح مقابل قيامه بالتدريس جدولا كاملا في المعاهد مرتبا شهريا ضئيلا لا يذكر ، وقد دفع هذا ولاة الأمور إلى الأخذ بسياسة التحديد في قبول