متآخية متحدة المناهج والأهداف والأفكار يرتبط بعضها ببعض بروابط الود والإخاء وحب السلام.
وفي يوليو عام ١٨٨٤ م أوفد جمال الدين الأستاذ الإمام محمد عبده إلى لندن لمفاوضة السادة الإنجليز في القضية المصرية ، ودعوة إنجلترا إلى الجلاء عن مصر ، وترك السودان للسودان ، وأدى محمد عبده مهمته خير أداء ، وأعلن في عزم وقوة أن مصر ستحارب الإستعمار الإنجليزي بكل ما أوتيت من قوة.
وعاد الإمام إلى باريس ليشهد توقف مجلة العروة الوثقى التي حاربها الاستعمار والانجليز حربا لا هوادة فيها ، وذلك بعد العدد الثامن عشر الصادر في ٢٦ من ذي الحجة عام ١٣٠١ ه ـ ١٦ أكتوبر عام ١٨٨٤ م.
وعاد جمال الدين فأوفد الإمام إلى السودان لتغذية الثورة المهدية والإفادة منها في تحرير مصر من الاحتلال ، فسافر محمد عبده سرا إلى تونس ومنها إلى مصر ، وأراد السفر إلى السودان ولكنه فوجىء بوفاة المهدي في الحادي والعشرين من يونيو عام ١٨٨٥ ، وتسليم التعايشي ، فسافر سرا إلى بيروت وأقام فيها ، وبقي أستاذه جمال الدين في باريس ، وأخذ كل منهما يجاهد في سبيل منهجه الإصلاحي المرسوم.
وفي بيروت ألف محمد عبده جمعية التأليف والتقريب هو وصديقه تلميذ جمال الدين «ميرزا محمد باقر» للدعوة إلى الإسلام في جميع أنحاء العالم ؛ وتعريف الغرب بحقائق الإسلام والتعاون على إزالة اضطهاد أوروبا للشرق أو المسلمين.
وكان قيام هذه الجمعية تطبيقا رائعا لأفكار جمال الدين ونزعاته وتعاليمه.
(٤)
وفي أواخر عام ١٨٨٨ م عاد محمد عبده إلى وطنه بعد أن ظل في المنفى ست سنوات «وأخذ يكون مدرسة فكرية متحررة لتثقيف الشعب