دراساتها ، فإلى متى تظل هذه اللوائح والقيود والأفكار القديمة تتحكم في مصير الثقافة في مصر في القرن العشرين؟.
حياة الأزهر الثقافية
ـ ١ ـ
لقد ابتدأت الدولة الفاطمية حياتها السياسية بالقيروان سنة ٢٩٦ ه على يدى مؤسسها الأول عبيد الله بن محمد ـ وأخذت توسع نطاقها السياسي ومجالها الدولي بالتدريج ، وفي عهد الخليفة الرابع المعز لدين الله دخل الفاطميون مصر بعد منتصف القرن الرابع الهجري بقليل .. فقضوا على نفوذ الخلافة العباسية فيها ، وعلى مذاهبها السياسية والاجتماعية والعقلية من جميع أرجائها ، وبسطت الدولة الجديدة سيادتها على البلاد بالقوة وأخذت تصبغ جميع نواحي النشاط في الدولة بصبغة تلائم عقيدتها الشيعية الاسماعيلية ، سواء في أداء الشعائر أم في سياسة الدولة وأمور الاجتماع ونواحي التفكير.
وكان لا بد للدولة الجديدة أن تقوم بدعاية واسعة النطاق تكرس لها كل ما تستطيع من قوة وجهد في سبيل تغيير الاتجاه الفكري في مصر كلها ، حتى يؤمن العقل المصري بعقيدتها الشيعية ، ويتحمس لها ويدعو إليها ، ويكون بين الدولة والشعب تفاهم عقلي بعد هذا الوثام السياسي الذي وجهته القوة وأملاه السيف.
ومن ذا الذي يقوم بهذه الدعاية ، وبدأ في جد لتغيير مناحي التفكير في مصر ، ولجذب الشعور الوطني نحو الدولة؟ إنهم العلماء الشيعيون الاسماعيليون ورجال السياسة والتفكير فيهم .. وإذا فلتقم جامعة علمية منظمة ، ولتشرف هذه الجامعة بأساتذتها وشيوخها على مناحي الثقافة والتفكير في الدولة ، داعية إلى العقيدة الشيعية بأصولها وتشريعها الفقهي وكافة آرائها السياسية والاجتماعية والعقلية ، حريصة على نشر هذه المبادىء في مصر وسائر أنحاء الشرق الإسلامي.