تغيير في أصوله أو تجديد في بحوثه ، وليس في ذلك من ذنب ، فالأحوال السياسية والاجتماعية التي عاش فيها المسلمون آنذاك ، كانت باعثة على الضعف العقلي الذي تجلى أثره في بيئة الأزهر العلمية.
كان الأزهر منذ نشأته يدرس العلوم العقلية والرياضية والطب والموسيقى ، وفي العصر الأيوبي شاعت فكرة تحريم علوم الفلسفة والرياضة على العالمين والمتعلمين ، وقد ساعد على ذلك فتوى ابن الصلاح بتحريم المنطق ، حيث سادت موجة كراهية علم المنطق والفلسفة ، ولذلك كره العلماء دراسة المنطق وتدريسه ، ومنهم السيوطي.
ولما تولى حكم مصر سنة ١٦١١ ه أحمد كور باشا ، وكان ولعا بالعلوم العقلية ، قابل صدور العلماء ، ومنهم الشيخ عبد الله الشبراوي شيخ الأزهر ، فتكلم معهم في الرياضيات ، فقالوا لا نعرف هذه العلوم ، فضحك .. واستمر الحال كذلك إلى أن أصدر الشيخ محمد الانبابي والشيخ محمد البنا فتوى بجواز تعلم هذه العلوم ، وذلك في أواخر عام ١٣٠٥ ه.
وكان الأزهر مبعث المقاومة الوطنية للاحتلال الفرنسي فلقى من القائد وجيشه كثيرا من الأذى والمقاومة ، وإن استعان ببعض رجاله المرنين في أعمال الإصلاح والإدارة ، فكان في المجلس الوطني الذي ألفه نابليون بعض كبار شيوخه وأعلامه.
وكان الأزهر يكره الاستعانة برجال الغرب وعلمائه ، فقاوم محمد علي ، واستولت الحكومة على أملاكه وأوقافه ولكن بقى له على كل حال نفوذه الديني والأدبي بين الشعب.
فعلماء الأزهر وشبابه هم الذين اختارهم الوالي للدراسة في مدارسه الخصوصية الكثيرة التي أنشأها من طب وهندسة وزراعة وصناعة وقانون ولغات إلخ.
وأعضاء بعوثه العلمية التي أوفدها إلى أوروبا من بدء عام ١٨٢٦ كان جلها من أبناء الأزهر الناضجين.