وتربيته وتحريره من الجهل والخوف والجمود ، وإعداده لحياة ديمقراطية صالحة ، وكان من تلاميذه سعد زغلول والمنفلوطي ولطفي السيد والهلباوي ومصطفى عبد الرازق والأحمدي الظواهري ومحمد مصطفى المراغي والزنكلوني ورشيد رضا وسواهم.
وعاد جمال الدين إلى الآستانة يقيم فيها في ظلال السلطان عبد الحميد ، وأخذت دعوة جمال ومحمد عبده إلى التحرر الفكري والإصلاح الديني تنتشر في صفوف الشباب في مصر والعالمين العربي والإسلامي انتشارا كبيرا.
وسعى محمد عبده في إصلاح الأزهر والمحاكم الشرعية والقضاء والمساجد والإفتاء ذائع معروف ، وساح محمد عبده في الأقطار الإسلامية فقام برحلات إلى تونس والجزائر والشام والآستانة وأوروبا والسودان ، وهو أينما نزل ، وحيثما رحل ، ينشر رسالته ، ويدعو إلى الإصلاح والتجديد.
ومات جمال الدين في الآستانة في صباح الثلاثاء الخامس من شوال عام ١٣١٤ ه ـ التاسع من مارس عام ١٨٩٧ م ودفن فيها ، وبعد سنوات ثمان مات محمد عبده في الثامن من جمادى الأولى عام ١٣٢٣ ه ـ ٢١ يوليو عام ١٩٠٥ ، وذهب الإمامان إلى ربهما راضيين مرضيين بعد أن أديا رسالتيهما على خير الوجوه ، وجاهدا في سبيل الإسلام والمسلمين جهاد الأبطال وأسهما في خلق الوعي السياسي وتأجيج الشعور الوطني ، وإحياء العزة القومية في نفوس المسلمين عامة.
وكان نضال الإمامين وكفاحهما مضرب الأمثال ، لأنه كان نضالا صادقا خالصا لوجه الله والإسلام.
مات الإمامان ولكن تلاميذهما كانوا هم محور النهضة السياسية والوطنية في تاريخ العالمين العربي والإسلامي بعد وفاتهما ، وظلت مبادىء جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده حية في النفوس مشتعلة في القلوب ، مسجلة في أنصع صفحات التاريخ الحديث.