الأولى عام ٩١١ ه التاسع عشر من أكتوبر سنة ١٥٠٥ ه ، وقال فيه تلميذه عبد الباسط بن خليل الحنفي (٩٢٠ ه) :
مات جلال الدين غيث الوري |
|
مجتهد العصر ، أمام الوجود |
كانت الثقافة الإسلامية قد أصيبت بنكبات كبيرة في بغداد على أيدي التتار وفي الأندلس على أيدي الأسبان المتعصبين ، وسلمت مصر بهزيمتها للتتار في عين جالوت فسلمت لها مجالس العلم ومدارسه وجامعته الكبرى الأزهر وسلمت خزائن الكتب في القاهرة ، وبقيت حلقات الثقافة وأنديتها لم يمسها سوء ، وظلت القاهرة ترسل أشعتها إلى كل مكان وتوالى أداء رسالتها في خدمة الثقافة الإسلامية ، ووفد عليها العلماء والأدباء والشعراء من كل مكان.
وقد شمر علماء مصر عن ساعد الجد لتعويض ما بدد من التراث الإسلامي في بغداد والأندلس وصقلية وغيرها ، فألفوا الكتب وصنفوا الموسوعات وكتبوا في كل العلوم والفنون ، وجمعوا ما وصلهم من روايات ومأثورات من مختلف المصادر ، ورأوا أن هذه المهمة هي فريضة إسلامية كبيرة ألقيت على كاهلهم فنهضوا بها وقاموا بأدائها خير قيام ، فرأينا المؤلفات الضخمة من مثل : صبح الأعشى ونهاية الأرب والنجوم الزاهرة وفتح الباري وبدائع الزهور والدر المنثور وغيرها من أمهات الكتب التي خلفها لنا أمثال : القلقشندي والنويري وابن تغري بردى والمقريزي وابن حجر وابن اياس والسخاوي والقسطلاني والعيني والدماميني والشمني وابن الكمال والسبكي وابن فضل الله العسمري والدميري والأسنوي والمناوي والبلقيني والشعراني وغيرهم .. وكذلك فعل السيوطي بل لقد فاقهم جميعا في عظمة التحصيل وغزارة التأليف وروعة التحقيق ، وظلت القاهرة تتصد عواصم العالم الإسلامي حضاريا وثقافيا ، وظلت أنديتها العلمية والأدبية حافلة بالعلم والعلماء والطلاب.
لقد عكف السيوطي على الكتاب والكتابة والتأليف طيلة حياته فأثرى