المكتبة العربية بنفائس المؤلفات وبذخائر المصنفات مما شهد لها المحققون وأقروا لصاحبها بطول الباع وسعة الاطلاع وبوفرة المحصول وموسوعية المعرفة وبغزارة العلم والرواية وبالوقوف على مختلف مصادر البحث والإحاطة بكل ما تشتمل عليه خزائن الكتب في القاهرة وغيرها .. وذهل الناس لما رأوا من باهر تحصيله ومن وقوفه على دقائق العلوم وحقائق المعرفة وخفايا المخطوطات.
ويقول السيوطي عن نفسه : «لقد رزقت التبحر في سبعة علوم هي التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع على طريقة العرب البلغاء لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة ، والذي اعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والتفول التي اطلعت عليها فيها لم يصل اليه ولا وقف عليه أحد من أشياخي فضلا عمن هو دونهم» وهو في كتابه حسن المحاضرة يذكر أن مؤلفاته آنذاك بلغت ثلاثمائة ، ويذكر ابن اياس أنها في جملتها تبلغ ستمائة ، ويذكر بروكلمان أنها أكثر من أربعمائة (٦) وأحصى له المستشرق فلوكل ٥٦١ مؤلفا ، وقد تكون بعض كتبه وريقات قليلات ، ككتابه «المتوكلي» مثلا ، وقد تكون أجزاء كثيرة مثل : الدر المنثور والجامع الكبير وغيرهما وقد جمع السيوطي في كتابه «الحاوي للفتاوي» الذي يقع في نحو ألف صفحة ثمانية وسبعين مؤلفا منفردا أغلبها من الفتاوي والبحوث المنفردة (٧) وجمع في كتابه «النقابة» أربعة عشر علما ، هي : التفسير والحديث وأصول الدين والمعاني والبيان والبديع والتشريع والخط والصرف والنحو والفرائض وأصول الفقه والتصوف والطب .. وله شرح عليه.
وليس في العالم من بلغ ما بلغه السيوطي في كثرة المؤلفات سوى رامون لول الأسباني وأحد كتاب العصور الوسطى الذي بلغت مؤلفاته نحو
__________________
(٦) بروكلمان : تاريخ الأدب العربي : ٢ / ١٤٥
(٧) الحاوي : ١ / ٩٩ ـ ١٤٦