فأخذوا يتلطفون بالشيخ حتى قام فصلى وأخذ يدعو للسلطان وقال لهم : قد برىء.
ويقول العيني في تاريخه الكبير : «ما سمعنا أحدا من الشيوخ أعطى من العز والرفعة والكلمة النافذة والشفاعة المقبولة عند الملوك والأمراء وأرباب الدولة والوزراء مثلما أعطى الشيخ ، وحسبك إنه لم يقم من مجلسه لأحد من الملوك والأمراء قط ، ولا من القضاة الأربع غيرهم».
وكان السلطان بحق يكره شمس الدين ، ومع ذلك كان يقضي للشيخ كل حاجاته وشفاعاته في الناس ويقول لحاشيته : كلما أقول لا أقبل لهذا الشيخ شفاعته لا أستطيع بل أقبل شفاعته وذهب الملك «المؤيد» للشيخ ليزوره في زاويته فوجد الشيخ فوق سطح الزاوية فأخبروا الشيخ بقدوم السلطان ، فقال لهم : قولوا له إن مما يرضيني عن السلطان أن يكف عن ظلم أحد.
وبعث الأمير للشيخ بأموال فوزعها شمس الدين كلها على الفقراء ، وبلغ ذلك الأمير فجاء للشيخ وقبل يده ، وكان «ططر» يذهب إلى شمس الدين ويخدمه في جملة أتباعه وخدمه ، فلما تولى ططر الملك ظل يذهب للشيخ كعادته والشيخ يقول له : انك صرت سلطانا والزم القلعة فقال له السلطان : لا أستطيع.
وكان «برسباي» يوقر الشيخ ويجله ويقضي له جميع حاجاته وشفاعاته.
وهكذا عاش شمس الدين العالم الأزهري معظما موقرا في قلوب الشعب والحكام حتى توفي إلى رحمة الله عام ٨٤٧ ه.
شهاب الدين السنباطي
كان لانتصار مصر في موقعة عين جالوت ٦٥٨ ه ١٢٦٠ م وهزيمتها للتتار ، دوي كبير في أنحاء العالم الإسلامي ، وامتدت امبراطورية مصر