من مكانة ونفوذ بين الشعب فخشي أن يستفحل الأمر وتصبح هذه الثورة نهاية لحكمهم ونفوذهم وسلطانهم ، فأرسل نائبه ومعه أحد الأمراء إلى الإمام الدردير ليعتذر له عما حدث ووعد بأن يكف أيدي الأمراء عن الشعب كما قرر توبيخ حسين بك شفت على صنيعه ، وطلب قائمة بجميع ما نهبه ليأمره برد تلك المنهوبات إلى صاحبها ووافق الشيخ الدردير على ذلك.
وهكذا وضع هذا الإمام الجليل قاعدة دستورية هامة ، وهي احترام الحاكمين لارادة المحكومين [٢ / ١٠٣ و ١٠٤ الجبرتي].
وعاش الإمام الدردير أربعا وستين سنة (١١٣٧ ـ ١٢٠١ ه) وكان في نهاية حياته العلمية شيخا على المالكية ، ومفتيا على المذهب المالكي ، وناظرا على وقف الصعايدة ، وشيخا على طائفة هذا الرواق.
ويقول فيه الجبرتي : كان يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويصدع بالحق ، ولا تأخذه في الله لومة لائم وله في السعي على الخير يد بيضاء.
هذا هو الإمام الدردير شيخ من شيوخ الأزهر حرص على أن يؤدي الأمانة ويحافظ على شرف مصر ، وشرف الشعب وشرف الأزهر ، ومات راضيا مرضيا عنه من الله والملائكة والناس أجمعين.
الشيخ الصعيدي
الشيخ الصعيدي (١١١٠ ـ ١١٨٩ ه) من أشهر علماء الأزهر قبيل الحملة الفرنسية على مصر. كان أغلب وقته بين تلاميذه ومريديه متوافرا على درس العلم منقطعا للارشاد والهداية لا يقصد إلى أمير أو حاكم ما لم ير مظلمة يجب عليه أن يسعى لا بطالها.
ذهب في يوم إلى الأمير علي بك وعلم الأمير من حاشيته بقدوم الشيخ ، فقام كعادته يستقبله من خارج قصره ، ثم دخل الشيخ والأمير