بولاق طوائف كبيرة من الشعب يودعون زعيمهم المنفي ، وهو يبحر في مركبه الى دمياط ، وبكى الشعب بكاء مريرا ، وهو يودع الرجل الذي اوقف حياته في سبيل الدفاع عن حقوقه ورد المظالم عنه. وهكذا اختفت الزعامة الشعبية من الميدان ، وأصبح محمد علي يتحرك بهواه كما يريد دون مراعاة للشعب ولا لحقوقه ومواثيقه.
وقضى الشيخ حياته بين العبادة والمطالعة وخاصة أهله. ولما مات بكاه الناس في كل مكان.
الشيخ الشرقاوي
شيخ الأزهر الشيخ عبد الله الشرقاوي عاصر الحملة الفرنسية على مصر ، وقاد الشعب من أجل مقاومتها حينا ، ومن أجل التخفيف من شدة وطأتها على الشعب حينا آخر ، وطار صيته في كل مكان ، وكتب عنه الأوروبيون فصولا طوالا ، وذهب كل من كتب عنه مذهبا يتفق ومدى فهمه للأحداث الجسام التي وقعت في هذه الفترة القصيرة الحافلة في تاريخ الوطن.
ولد بالطويلة إحدى قرى بلبيس عام ١١٥٠ ه ـ ١٧٣٧ م ، وتعلم في الأزهر ، وتخرج منه ، وصارت له حلقة علمية قيمة ، وكثر طلابه ، وعم علمه الآفاق.
ولما مات الشيخ أحمد العروسي شيخ الأزهر عام ١٢٠٨ ه تولى الشرقاوي مشيخة الأزهر بعده ، وكان من المرشحين معه لتولي هذا المنصب العلمي والديني الجليل الشيخ مصطفى العروسي ، فآلت إليه ، وأسندت له ، وتولاها وهو موضع ثقة الجميع ، وكان شيخ علماء الشافعية ومفتيهم في عصره ، وله مؤلفات دالة على سعة فضله في الفقه والحديث والعقائد. ومن مؤلفاته :
مختصر الشمايل مع شرحه وشرح على «الحكم» لابن عطاء الله ،