ومحمد بن الفرح القروي الطليلي ـ وقد ذكرهما عياض في المدارك ، ومثل أبي بكر الطرطوشي (١) محمد بن مسلم الصقلي المازري (٢) وابن الحكار العقلي (٣) وغيرهم. فشاعت بذلك الكتب المغربية ، ومناهج الدراسة الأفريقية والأندلسية ، مثل المدونة ، وتهذيبها ، وكتب ابن أبي زيد ، وكتب أبي الوليد الباجي ، وانبعثت في أصول الدين وأصول الفقه طريقة الأشعري ، والباقلاني وإمام الحرمين ، والغزالي ، والمازري ، وتوصلت بذلك المذاهب السنية ولا سيما المذهبان المالكي والشافعي وكان لشيوع دعوة الغزالي إلى وصل التصوف بعلوم الشريعة ، أثرها في تقريب المحدثين والفقهاء والمتكلمين من الصوفية ، وتأثر هؤلاء بهؤلاء ، تأثرا ظهر في طريقة الشيخ عبد القادر الجيلاني وانتشر في المغرب كله بأبي مدين وأصحابه ، ثم تأصل بتونس في طريقة الشيخ أبي الحسن الشاذلي التي أوصلها هو أصحابه إلى مصر ، وعم انتشارها من تونس ومن مصر غربا وشرقا.
فهذه الأسس هي التي كانت قوام طريقة التخرج في مصر وتونس على السواء ، عليها مضى القرن السادس ، وعليها سار القرن السابع حتى منتصفه لما قامت الدراسة في الجامع الأزهر ، واستمرت ـ عليها مناهج الدراسة في الأزهر بقية القرن السابع والقرون بعده.
فكانت الدراسات بالأزهر وبالزيتونة طيلة هذه القرون ، تسير على منهج واحد ، وتعتمد مادة من الكتب مشتركة ، وسندا من العلماء متحدا : فيهم المصريون ، وفيهم الأفارقة وفيهم غير المصريين وغير الأفارقة : من الأندلسيين والمغاربة ، أو من الشاميين والعراقيين والأعاجم وعلماء الروم.
__________________
(١) ترجمته في الديباج لابن فرحون ص ٢٧٦ ط السعادة وفي وفيات الأعيان لابن خلكان «محمد».
(٢) ترجمته في نيل الابتهاج هامش الديباج ص ٢٧٧ ط السعادة.
(٣) من شراح المدونة ترجمته في شجرة النور الزكية رقم ١٢٥.