إشعاعه وفي بحوثه ونشر تعاليمه على قسط كبير من كتب أولئك المؤلفين الذين تأخر بهم الزمن في تاريخ التأليف وتأثروا بموجة الضعف والركود الداخلية والخارجية. ولأن مهمة الأزهر تتصل بالدين ، أخذ خصيصة التقاليد وهي عدم قبوله لمبدأ التطور لا في الدين نفسه ولكن فيما صنعه الإنسان المسلم المفكر حول الدين وفيما سطره من آراء يخرج بها بعض أفكاره. وهنا كان تقبل الأزهر للخروج عن نطاق هذه الكتب التي تمثل ظاهرة الضعف والركود الفكري في تاريخ التأليف العربي أمرا ليس هينا ، وإن تقبل مبدأ التغير والانتقال من عهد إلى عهد في التعرف على مبادىء الإسلام وآراء المسلمين فإنه يتقبلها في احتياط وفي بطء.
ومن ثم كانت مسايرة الأزهر ـ لا أقول لمبدأ التطور ، وإنما أقول لفكرة الانتقال من عهد إلى عهد في تاريخ التأليف العربي ، أي الانتقال من عهد الضعف والركود مثلا إلى عهد القوة والأصالة في العصور السابقة على هذا العهد ـ مسايرة تجمد تارة وتبطىء في سيرها تارة أخرى.
ومن هنا كان لتوجيهه أثر على الشعوب الإسلامية ينعكس في هذا الأثر ما يتلزمه هو في دائرة التوجيه من الركون إلى آراء معينة أو الوقوف في استمداد التعاليم الإسلامية من بعض مصادر التأليف في الحقبة الأخيرة. وبمقدار ما يتحرك الأزهر في دائرة التأليف العربي الإسلامي بمقدار ما يكون لتوجيهه من أثر إيجابي أو سلبي.
والحركات الإصلاحية التي قامت فيه والتي باشرها بعض شيوخ الأزهر من أمثال الشيخ محمد عبده لم تقصد إلى الخروج عن دائرة التراث الثقافي والروحي للمسلمين كلية. وإنما قصدت إلى شيء واحد هو محاولة الانتقال ـ كي يفهم الإسلام فهما صحيحا ـ من عهد الركود إلى عهد الإمامة والأصالة في تاريخ التأليف العربي الإسلامي. إذ أن تأليف المتقدمين من علماء المسلمين كان أقرب إلى أصول الإسلام وإلى التعبير عما يهدف إليه القرآن مما كان للمؤلفين المتأخرين.