سمو الإنسان عن خالقه ، أو بدعوى الاستجابة لوحي الطبيعة وما تمليه من توجيه وما ترسمه من قدر ومصير.
والإنسان مهما سما في تفكيره وإدراكه لا يصل إلى تحديد المنهج المستقيم تحديدا واضحا لا خلط فيه ، أو تحديدا مستمرا صالحا لجماعة معينة فضلا عن أن يكون صالحا لجماعات وشعوب كثيرة. والطبيعة أن ترك الإنسان نفسه يطيع ما ترسمه من توجيه فإنها ستجعله يطيع دوما ما تمليه مظاهر الحس المختلفة وعندئذ يكون شأن الإنسان شأن الحيوان في تبعيته لما يحس وعدم ارتفاعه عن هذا الذي يحس للسيطرة عليه وتوجيهه.
ومن هنا كان أثر الأزهر الديني في توجيه المسلمين أثرا إيجابيا في علاقة المسلم بالمسلم ، وفي علاقة المسلم بأهل الكتاب ، وفي موقف المسلم من الالحاد والتحدي بإنكار الإيمان ، ما يعبر في تعاليمه التي ، ينشرها عن الإسلام في صفاء آرائه ووضوح هدفه.
أما الأثر الأدبي للأزهر ورسالته فهو خدمة الإنسانية وخدمة المستوى الفاضل لها. فالإسلام إذا سار المسلمون على مبادئه يكون من الدعائم القوية في تركيز خصائص الإنسانية في نفوس البشرية. فهو رسالة كرسالة الله فيما أوحاه إلى موسى وإلى عيسى عليهما السلام تساوق الطبيعة الإنسانية في أخص صفاتها ومقوماتها. وأخص هذه الصفات والمقومات التي تدعو إليها الرسالة الإلهية هي : المحبة ، الأخوة ، السلام. ولا شك أن هذه الغايات لا تتحق إلا إذا ارتفع الإنسان عن مستوى الخصومة ومستوى الحقد والضغينة بسبب التهالك على المادة أو بسبب الانطواء تحت مظاهر الحس التي يدعو إليها الالحاد ، ويدعو إليها التحدي للإيمان.
والدين الإلهي لذلك ضرورة لضمان تحقيق هذه الأهداف الثلاثة في حياة الإنسان. وإذا ما تحققت هذه الأهداف في حياة الإنسان أصبحت البشرية في أوضح مظاهرها حقيقة عملية ، وبالتالي أصبح الناس سعداء لأن