وتوجيهه ، وكان الشيخ سعاد من هؤلاء.
وعدا الناحية العلمية ، أو لعله بسببها ، كان نزوعا إلى الخير ونفع الناس بما لديه ، وكانت موهبته الخطابية مما يساعده على بث علمه وإذاعة أفكاره وهي أيضا مما هيأ نمو مدرسته وكثرة تلاميذه ، كان وهو لا يزال في هذا التخصص يخطب يوم الجمعة في مسجد الخازنداره بشبرا وذهب وزير الأوقاف يومئذ ليصلي في هذا المسجد ، وربما جذبه إليه اسم الشيخ سعاد ، فأعجبه حديثه فقرر له علاوة استثنائية تقديرا لكفائته وعلمه ، وبعد أن أنهى الشيخ دراسته كان يخطب ثانيا في مسجد المحكمة بمصر الجديدة ثم المسجد قاهر التتار فمسجد عمر مكرم بالقاهرة وكان يتطوع بإلقاء الدروس الدينية فيها ، فكان له بها مدرسة ثانية ، بعد مدرسته في كلية الشريعة.
وكان من لباقته في دروسه أنه يوازن بين قانون الشريعة والقوانين الوضعية ، ويوازن بين مجتمعاتنا والمجتمع الإسلامي في حذق وحسن تصوير ، وهو مع هذا يتحاشى الاحتكاك بتيارات السياسة ، ولكن كانت تلميحاته أبلغ من تصريحات الآخرين ، وكان تلاميذه في كلية الشريعة يحبون درسه ويقدرون تفكيره ، وهم الآن في شتى المعاهد والمدارس داخل القطر وخارجه يشعرون بدينهم له.
ثم انضم إلى هاتين المدرستين حديثه «قرآن وسنة» ، وبه أضاف إلى تلاميذه تلاميذ لا يعرفهم ولم يروه ، ولكنهم أحبوه على البعد ، وعرفوه من غير أن يلقوه.
ومات الشيخ سعاد جلال ، فشيعت جنازته في غير حشد ، ففي ذمة الله وذمة التاريخ.