بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة المحقّق
هذا هو كتاب «الإحاطة ، في أخبار غرناطة» نقدّمه للقرّاء والباحثين ، بعد أن أدركنا أنّنا ، بعون الله تعالى ، سنقوى على تذليل الصّعاب التي نمرّ بها في أثناء التحقيق ؛ فالكتاب موسوعة تاريخية وأدبية وجغرافية ، يحتاج إلى لجنة من المؤرّخين والأدباء والجغرافيين المهتمّين بالحقل الأندلسي ؛ لأن الجهد الفردي غير كاف لنشر مثل هذه الموسوعات العلمية التي تحتاج إلى مجهود جماعي ؛ لتحقيق أماكنها الجغرافية والتعريف بأعلامها التاريخية والأدبية ، ودراسة الشعر الذي يشغل خمس الكتاب أو أكثر بقليل.
وهذا الكتاب أشهر وأضخم مؤلّفات لسان الدين ابن الخطيب ، التي تنوف على السّتّين. وقد استهلّه بمقدّمة مسجّعة بدأها بالحمد والثّناء ، ثم انتقل إلى ذكر السبب الذي دعاه إلى كتابته وهو أن بعض المصنّفين أفرد لوطنه تاريخا ، كتاريخ مدينة بخارى لمحمد بن أحمد بن سليمان الفخار ، وتاريخ بغداد للخطيب أبي بكر أحمد بن علي البغدادي ، وتاريخ دمشق لأبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر ، وتاريخ مصر لعبد الرحمن بن أحمد بن نواس ، وتاريخ مالقة لأبي عبد الله بن عسكر ، فداخلته عصبية حبّ الوطن ، فأقدم على كتابة تاريخ لوطنه غرناطة.
وعنوان الكتاب يدلّ على الغاية التي رمى إليها ابن الخطيب بتأليفه ؛ وهي تقديم صورة شاملة عن كل ما يتعلّق بمدينة غرناطة من أوصاف وأخبار ، فذكر مروجها وجبالها وأنهارها ، وتغنّى بها فقال (١) : [الكامل]
بلد تحفّ به الرياض كأنّه |
|
وجه جميل والرياض عذاره |
__________________
(١) الإحاطة ، في أخبار غرناطة (ج ١ ص ٢٥) ونفح الطيب (ج ١ ص ٦٨) و (ج ٩ ص ٢٢١) وأزهار الرياض (ج ١ ص ٣).