فانبرى إليه (١) شخص له همّة (٢) وإقدام ، فقال (٣) : يا أبا جعفر ، أين (٤) برهان ذلك ، فما أظنك تعني إلّا نفسك (٥) ، فقال (٦) : ما أعني إلّا نفسي ، ولم لا ، وأنا الذي أقول (٧) : [السريع]
يا هل ترى أظرف (٨) من يومنا |
|
قلّد جيد الأفق طوق العقيق |
وأنطق الورق بعيدانها |
|
مطربة (٩) كلّ قضيب وريق |
والشّمس لا تشرب خمر النّدى |
|
في الرّوض إلّا بكؤوس (١٠) الشّقيق |
فلم ينصفوه في الاستحسان ، وردّوه في الغيظ (١١) كما كان ، فقلت له : يا سيدي ، هذا والله (١٢) السّحر الحلال ، وما سمعت من شعراء عصرنا مثله ، فبالله إلّا ما لازمتني وزدتني من هذا النمط ، فقال لي : لله درّك ، ودرّ أبيك من منصف ابن منصف. اسمع ، وافتح أذنيك. ثم أنشد (١٣) : [الوافر]
أدرها فالسماء بدت عروسا |
|
مضمّخة الملابس بالغوالي |
وخدّ الأرض (١٤) خفّره (١٥) أصيل |
|
وجفن (١٦) النّهر كحّل بالظّلال |
وجيد الغصن يشرف (١٧) في لآل |
|
تضيء بهنّ أكناف اللّيالي |
فقلت : بالله أعد وزد ، فأعاد والارتياح قد ملأ (١٨) عطفه ، والتّيه قد رفع أنفه ،
__________________
(١) في القدح : «ما لم يهتدوا إليه ، فانبرى له ...». وفي النفح : «ما لم يهتدوا إليه ، فأهوى له».
(٢) في المصدرين : «قحة».
(٣) في القدح : «وقال».
(٤) في المصدرين : «فأرنا».
(٥) في القدح : «وما أظنك إلّا تعني نفسك».
(٦) في القدح : «قال».
(٧) في القدح : «أقول ما لم يهتد إليه متقدم ولا يهتدي لمثله متأخر». ومثله في النفح مع فارق كلمة «يتنبّه» مكان «يهتد». والأبيات أيضا في المغرب (ج ٢ ص ٣٦٥).
(٨) في الأصل : «الظرف» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصادر الثلاثة.
(٩) في القدح : «من فضّة». وفي المغرب والنفح : «مرقصة».
(١٠) في الأصل : «بكأس» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصادر الثلاثة.
(١١) في القدح : «الغيظ إلى أشدّ مما كان». وفي النفح : «الغيظ إلى أضيق مكان».
(١٢) في النفح : «هو».
(١٣) الأبيات أيضا في المغرب (ج ٢ ص ٣٦٥).
(١٤) في المصادر الثلاثة : «الروض» وهو أدقّ للسياق.
(١٥) في النفح : «حمّره».
(١٦) في القدح : «وحقو». والحقو : الكشح ، ويريد : الشاطئ.
(١٧) في الأصل : «يشرق» والتصويب من المصادر الثلاثة.
(١٨) في النفح : «ملك».