محنته : قالوا (١) : لم يقنع بما أجرى عليه أبو العباس الينشتي (٢) من الإحسان ، فكان يوغر صدره من الكلام فيه ، فذكروا أن الينشتي قال يوما في مجلسه : رميت يوما بسهم من كذا ، فبلغ إلى كذا ؛ فقال ابن طلحة لشخص كان إلى جانبه : والله لو كان قوس قزح ؛ فشعر أبو العباس إلى قوله ما يشبه ذلك ، واستدعى الشخص ، وعزم عليه ، فأخبره بقوله ، فأسرّها في نفسه ، إلى أن قوّى الحقد عليه ، من ما بلغه عنه من قوله يهجوه : [الوافر]
سمعنا بالموفّق فارتحلنا |
|
وشافعنا له حسب وعلم |
ورمت يدا أقبّلها وأخرى |
|
أعيش بفضلها أبدا وأسمو |
فأنشدنا لسان الحال عنه (٣) |
|
يد شلّا وأمر لا يتمّ |
فزادت موجدته (٤) عليه ، وراعى أمره إلى أن بلغته أبيات قالها في شهر رمضان ، وهو على حال الاستهتار : [الوافر]
يقول أخو الفضول وقد رآنا |
|
على الإيمان يغلبنا المجون (٥) |
أتنتهكون (٦) شهر الصّوم هلّا |
|
حماه منكم عقل ودين؟ |
فقلت اصحب سوانا ، نحن (٧) قوم |
|
زنادقة مذاهبنا فنون |
ندين بكلّ دين غير دين الر |
|
رعاع فما به أبدا ندين |
فحيّ على الصّبوح (٨) الدّهر ندعو |
|
وإبليس يقول لنا أمين (٩) |
أيا (١٠) شهر الصيام إليك عنّا |
|
إليك (١١) ففيك أكفر ما نكون |
__________________
(١) ما يزال النقل عن اختصار القدح المعلى (ص ١١٦ ـ ١١٧) ، وهو أيضا في نفح الطيب (ج ٤ ص ٢٧٦ ـ ٢٧٧) ، ولكن النص فيه بعض التغيير عمّا هنا.
(٢) كان أبو العباس الينشتي ، كما في اختصار القدح ، واليا على سبتة. وفي الذيل والتكملة (ج ١ ص ٣٨١) : هو أمير سبتة الموفق بالله أبو العباس أحمد بن أبي عبد الله بن أبي الفضل مبارك المعروف باليناشتي. والينشتي : نسبة إلى حصن ينشتة ، أحد حصون الأندلس.
(٣) في نفح الطيب : «فيه».
(٤) في القدح : «فزاد ذلك في حنقه». وفي النفح : فزاد في حنقه».
(٥) في الأصل : «بلّغنا الحجون» والتصويب من المصدرين.
(٦) في الأصل : «أنشكو» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصدرين.
(٧) في الأصل : «فنحن» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصدرين.
(٨) في الأصل : «فنحن على صفوح الدهر ...» وهو لا معنى له ، والتصويب من المصدرين ، ولكن جاء في النفح : «بحيّ» مكان «فحيّ». والصبوح : خمرة الصباح.
(٩) في الأصل : «آمين» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصدرين.
(١٠) في المصدرين : «فيا».
(١١) كلمة «إليك» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من المصدرين.