وما حال شمل وتده (١) مفروق ، وقاعدته فروق ، وصواع (٢) بني أبيه مسروق ، وقلب (٣) قرحه من عضّة الدهر دام ، وجمرة حسرته ذات احتدام ، هذا وقد صارت الصّغرى ، التي كانت الكبرى ، لمشيب لم يرع (٤) أن هجم ، لمّا نجم ، ثم تهلّل عارضه وانسجم : [الكامل]
لا تجمعي هجرا عليّ وغربة |
|
فالهجر في تلف الغريب سريع |
نظرت فإذا الجنب ناب (٥) ، والنّفس فريسة ظفر وناب ، والمال أكيلة انتهاب ، والعمر رهن ذهاب ، واليد صفر من كل اكتساب ، وسوق المعاد مترامية ، والله سريع الحساب : [الوافر]
ولو نعطى الخيار لما افترقنا |
|
ولكن لا خيار مع الزمان |
وهب أنّ العمر جديد ، وظلّ الأمن مديد ، ورأي الاغتباط بالوطن سديد ، فما الحجّة لنفسي إذا مرّت بمطارح جفوتها ، وملاعب هفوتها ، ومثاقف (٦) قناتها ، ومظاهر عزّاها (٧) ومناتها ، والزمان (٨) ولود ، وزناد الكون غير صلود (٩) : [الكامل]
وإذا امرؤ لدغته أفعى مرّة |
|
تركته حين يجرّ حبل يفرق (١٠) |
ثم أن المرغّب قد ذهب ، والدهر قد استرجع ما وهب ، والعارض قد اشتهب ، وآراء(١١) الاكتساب مرجوحة مرفوضة ، وأسماؤه على الجوار مخفوضة ، والنّيّة مع الله على الزّهد فيما بأيدي الناس معقودة ، والتوبة بفضل الله عزّ وجلّ شروطها (١٢) غير معارضة (١٣) ولا منقودة ، والمعاملة سامريّة ، ودروع الصبر
__________________
(١) في الريحانة : «قيده».
(٢) الصّواع ، بضم الصاد : إناء كان الملك يشرب به ويكيل. وفي القرآن الكريم : (نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) سورة يوسف ١٢ ، الآية ٧٢.
(٣) في الريحانة : «وقلبه».
(٤) في الكتيبة : «لم يدع».
(٥) في النفح : «باب».
(٦) في الأصل : «ومناقب» والتصويب من النفح والأزهار. وفي الريحانة : «ومثاقب».
(٧) في الأصل : «عزاتها» والتصويب من النفح والأزهار. وفي الريحانة : «عراها وهناتها».
(٨) في الريحانة : «والزمن».
(٩) في الريحانة : «الكون صلود». والبيت لصالح بن عبد القدوس ، وورد في تاريخ بغداد (ج ٩ ص ٣٠٤) ، وصدره هناك هكذا :
وإن امرؤ لسعته أفعى مرّة
(١٠) في الريحانة : «مفرق».
(١١) في الريحانة : «وأدات».
(١٢) في النفح والأزهار : «وجلّ منقودة».
(١٣) في الريحانة : «معترضة».