أحمد (١) بقصبة غرناطة ، لصق القصر ، وقف هو وأخوه بلكّين ، وحاجبه علي بن القروي ، وأمر بإخراج أحمد إليه ، فأقبل يرسف في قيده حتى وقف (٢) بين يديه ، فأقبل على سبّه وتبكيته بذنوبه ، وأحمد يتلطّف (٣) إليه ، ويسأله إراحته مما هو فيه ، فقال له : «اليوم تستريح من هذا الألم ، وتنتقل إلى ما هو أشدّ» ؛ وجعل يراطن أخاه بالبربرية (٤) ، فبان لأحمد وجه الموت ، فجعل (٥) يكثر الضّراعة ، ويضاعف (٦) عدد المال ، فأثار غضبه ، وهزّ مزراقه (٧) ، وأخرجه من صدره ؛ فاستغاث الله ، ـ زعموا ـ ، عند ذلك ، وذكر أولاده وحرمه ؛ للحين أمر باديس بحزّ رأسه ورمي (٨) خارج القصر.
حدّث خادم باديس ، قال (٩) : رأيت جسد ابن عباس ثاني يوم قتله (١٠) ، ثم قال لي باديس : خذ رأسه وواره مع جسده ؛ قال (١١) : فنبشت قبره (١٢) ، وأضفته إلى جسده ، بجنب أبي (١٣) الفتوح قتيل باديس أيضا. وقال لي باديس (١٤) : ضع عدوّا إلى جنب عدو ، إلى يوم القصاص ؛ فكان قتل أبي جعفر عشيّة الحادي والعشرين من ذي حجة سنة سبع وعشرين وأربعمائة (١٥) ، بعد اثنين وخمسين يوما من أسره. وكان يوم مات ابن ثلاثين ، نفعه الله ورحمه.
أحمد بن أبي جعفر بن محمد بن عطيّة القضاعي (١٦)
من أهل مرّاكش ، وأصله القديم من طرطوشة ثم بعد من دانية ، يكنى أبا جعفر.
__________________
(١) في الذخيرة : «أحمد بن عباس». وفي البيان المغرب : «فلما مرّ على الدار التي فيها ابن عباس».
(٢) في المصدرين : «أقيم».
(٣) في المصدرين : «يلطّفه ويسأله».
(٤) في المصدرين : «أخاه بلقين بكلامه».
(٥) في المصدرين : «وجعل».
(٦) في المصدرين : «ويضعف له».
(٧) في المصدرين : «مزرقته فأخرجها من صدره».
(٨) في المصدرين : «وووري».
(٩) النص في الذخيرة (ق ١ ص ٦٦٨).
(١٠) في الذخيرة : «قتل».
(١١) كلمة «قال» ساقطة من الذخيرة.
(١٢) في الذخيرة : «صداه».
(١٣) في الذخيرة : «بجنب قبر أبي ...».
(١٤) كلمة «باديس» ساقطة في الذخيرة.
(١٥) في الذيل والتكملة (ج ١ ص ٢٧٩): «مات وهو ابن ثلاثين سنة وأشهر عشية يوم السبت لعشر بقين من ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة».
(١٦) ترجمة أبي جعفر بن عطية في المعجب (ص ٢٦٧) ، والبيان المغرب ، قسم الموحدين (ص ٥٧) ، وإعتاب الكتاب (ص ٢٢٥) ، ونفح الطيب (ج ٧ ص ١٧٤) ، والترجمة هنا معظمها ورد في نفح الطيب (ج ٧ ص ١٧٤ ـ ١٨١) ، والحلة السيراء (ج ٢ ص ١٩٤ ، ٢٢٥ ، ٢٣٨) ، وتاريخ المنّ بالإمامة (ص ٢٢٠).