بسم الله الرّحمن الرّحيم
فصل
في اسم هذه المدينة ووضعها على إجمال واختصار
يقال (١) غرناطة ، ويقال إغرناطة (٢) ، وكلاهما أعجمي ، وهي مدينة كورة إلبيرة ، فبينهما فرسخان وثلثا فرسخ (٣). وإلبيرة من أعظم كور الأندلس ، ومتوسّطة ما اشتمل عليه الفتح من البلاد ، وتسمّى في تاريخ الأمم السالفة من الرّوم ، سنام (٤) الأندلس ، وتدعى في القديم بقسطيليّة. وكان لها من الشّهرة والعمارة ، ولأهلها من الثروة والعدّة ، وبها من الفقهاء والعلماء ، ما هو مشهور. قال أبو مروان بن حيّان : كان يجتمع بباب المسجد الجامع من إلبيرة خمسون حكمة (٥) ، كلها من فضّة لكثرة الأشراف بها. ويدلّ على ذلك آثارها الخالدة ، وأعلامها الماثلة ، كطلل مسجدها الجامع ، الذي تحامى استطالة البلى ، كسلت عن طمس معالمه أكفّ الرّدى ، إلى بلوغ ما فسح له من المدى.
__________________
(١) قارن باللمحة البدرية (ص ٢١).
(٢) اختلفت آراء الباحثين في أصل هذه التسمية ، وللاطّلاع على هذا الاختلاف بإسهاب راجع مملكة غرناطة في عهد بني زيري للدكتورة مريم قاسم طويل (ص ٢٧).
(٣) الفرسخ : مسافة تقدّر بثلاثة أميال. معجم البلدان (ج ١ ص ٣٦) ، وتقويم البلدان (ص ١٥).
(٤) كذا في اللمحة البدرية (ص ٢١). وقد تكون «شام الأندلس ؛ لأن غرناطة كانت تسمى شام الأندلس أو دمشق الأندلس ، وهكذا وصفها ابن الخطيب في هذا الجزء بعد قليل ، وفي اللمحة البدرية (ص ٢٦). وكذا وصفها الرحّالة ابن جبير وهو يخاطبها : [مجزوء الكامل]
يا دمشق الغرب هاتي |
|
ك لقد زدت عليها |
تحتك الأنهار تجري |
|
وهي تنصبّ إليها |
راجع مملكة غرناطة في عهد بني زيري (ص ٢٩).
(٥) الحكمة : ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه وفيها العذاران. محيط المحيط (حكم).