جعل الأمر (١) فيه يضرب رقابهم ، وسبي أسبابهم ؛ ولمّا أكّد على حامله في العجل ، وضايقه في تقدير الأجل ، تأنّى حتى علم أنه قد وصل ، وأنّ غرضه قد حصل. فرّ إلى تلمسان ، وهي بحال حصارها ، فاتّصل بأنصارها ، حالّا بين أنوفها وأبصارها ؛ وتعجّب من فراره ، وسوء اغتراره ، ورجحت (٢) الظنون في آثاره. ثم اتّصلت (٣) الأخبار بتمام الحيلة ، واستيلاء القتل على أعلام تلك القبيلة ، وتركها (٤) شنعة على الأيام ، وعارا في الأقاليم على حملة الأقلام ؛ وأقام بتلمسان إلى أن حلّ مخنّق حصارها (٥) ، وأزيل هميان (٦) الضيقة عن خصرها ؛ فلحق بالأندلس ، فلم (٧) يعدم برّا ، ورعيا مستمرّا ، حتى أتاه حمامه ، وانصرمت أيامه».
شعره : من (٨) الذي يدلّ على برّه (٩) ، وانفساخ (١٠) خطاه في النّفاسة ، وبعد شأوه ، قوله : [الكامل]
العزّ ما ضربت عليه قبابي |
|
والفضل ما اشتملت عليه ثيابي |
والزّهر ما أهداه غصن براعتي |
|
والمسك ما أبداه نقش (١١) كتابي |
والمجد (١٢) يمنع أن يزاحم موردي |
|
والعزم يأبي أن يسام (١٣) جنابي |
فإذا بلوت صنيعة جازيتها |
|
بجميل شكري أو جزيل ثوابي |
وإذا عقدت مودّة أجريتها |
|
مجرى طعامي من دمي وشرابي |
وإذا طلبت من الفراقد والسّهى |
|
ثأرا فأوشك أن أنال طلابي |
وفاته : توفي رحمه الله يوم السبت تاسع ربيع الآخر عام خمسة عشر وسبعمائة ، ودفن بجبّانة باب إلبيرة ، تجاوز الله تعالى (١٤) عنه.
أحمد بن محمد بن عيسى الأموي
يكنى أبا جعفر ، ويعرف بالزّيّات.
__________________
(١) في النفح : «جعل فيه الأمر».
(٢) في النفح : «ورجّمت».
(٣) في النفح : «وصلت».
(٤) في النفح : «فتركها شنيعة على ...».
(٥) في النفح : «حصرها».
(٦) في الأصل : «اللّقيان» والتصويب من النفح. والهميان : تكّة السروال.
(٧) في النفح : «ولم».
(٨) النص والشعر في نفح الطيب (ج ٨ ص ٤٠٦).
(٩) في النفح : «بأوه».
(١٠) في النفح : «وانفساح».
(١١) في النفح : «نقس».
(١٢) في النفح : «فالمجد».
(١٣) في النفح : «يضام».
(١٤) كلمة «تعالى» ساقطة في الإحاطة ، وقد أضفناها من النفح.