الشمال ، ويمرّ على بلاد الأندلس ، قرطبة وإشبيلية وما والاها إلى البحر المحيط الغربي. وقال صاعد بن أحمد في كتاب «الطّبقات» : إنّ معظم الأندلس في الإقليم الخامس ، وطائفة منها في الإقليم الرابع ، كمدينة إشبيلية ، ومالقة ، وغرناطة ، وألمريّة ومرسية.
وذكر العلماء بصناعة الأحكام أنّ طالعها الذي اختطّت به السّرطان ، ونحلوها ، لأجل ذلك ، مزايا ، وحظوظا من السعادة ، اقتضاها تسيير أحكام القرانات الانتقاليّة على عهد تأليف هذا الموضع.
وطولها سبع وعشرون درجة وثلاثون دقيقة (١) ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق. وهي مساوية في الطول بأمر يسير لقرطبة ، وميورقة ، وألمريّة ؛ وتقرب في العرض من إشبيلية ، وألمريّة ، وشاطبة وطرطوشة ، وسردانية ، وأنطاكية ، والرّقة. كل ذلك بأقلّ من درجة. فهي (٢) شاميّة في أكثر أحوالها ، قريبة من الاعتدال ، وبينها وبين قرطبة ، أعادها الله تعالى ، تسعون ميلا. وهي منها بين شرق وقبلة. وبحر الشام (٣) يحول ويحاجز بين الأندلس وبلاد العدوة (٤) ، وبين غرب وقبلة على أربعة برد (٥). والجبال بين شرق وقبلة ، والبراجلات (٦) بين شرق وجوف (٧) ، والكنبانيّة (٨) بين غرب وقبلة ، وبين جوف وغرب ، فهي لمكان جوار السّاحل ، ممارة بالبواكر (٩) السّاحلية ، طيبة البحار ، وركاب لجهاد البحر ، ولمكان استقبال الجبال ، المقصودة (١٠) بالفواكه المتأخّرة اللحاق ، معلّلة بالمدّخرات ،
__________________
(١) الدرجة عند ياقوت خمسة وعشرون فرسخا ، أي خمسة وسبعين ميلا ، وتنقسم إلى ستين دقيقة. معجم البلدان (ج ١ ص ١٩ ، ٣٦ ، ٣٩). ويقول ابن سعيد : إن كل درجة ونصف مائة ميل ، أي إن الدرجة تساوي نحو ستة وستين ميلا وثلثي ميل. كتاب الجغرافيا (ص ٧٩). ويقول أبو الفداء : الدرجة عند القدماء ستة وستون ميلا وثلثا ميل ، وعند المحدثين ستة وخمسون ميلا وثلثا ميل. تقويم البلدان (ص ١٤).
(٢) قارن باللمحة البدرية (ص ٢٢).
(٣) بحر الشام : هو البحر المتوسط.
(٤) المراد عدوة المغرب المقابلة للأندلس.
(٥) البرد : جمع بريد وهو مقياس مسافة تقدّر باثني عشر ميلا.
(٦) البراجلات : جمع برجيلة وهي بالإسبانية : Parcela ، ومعناها القطعة من الأرض. اللمحة البدرية (ص ٢٩).
(٧) الجوف في اصطلاح المغاربة الجهة المقابلة للقبلة ، أي الشمال.
(٨) الكنبانية كلمة إسبانية : Campana وتعني البسيط أو السهل من الأرض. وقد تكون ناحية بالأندلس قرب قرطبة.
(٩) في اللمحة : «ممارة بالسمك والبواكر ، طيّة للتجار ، ركاب معه للجهاد في البحر».
(١٠) في اللمحة : «مقصودة».