وهذه الأمور تستدعي الإطالة ، مخلّة بالغرض ، ومقصدي أن أستوفي ما أمكن من التواريخ التي لم يتضمنها ديوان ، وأختصر ما ليس بقريب ، والله وليّ الإعانة بمنّه.
إبراهيم بن محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن محمد
ابن سهل بن مالك بن أحمد بن إبراهيم بن مالك الأزدي
يكنى أبا إسحاق.
أوّليّته : منزل جدّهم الداخل إلى الأندلس قرية شون (١) من عمل ، أو قيل من إقليم إلبيرة. قال ابن البستي : بيتهم في الأزد ، ومجدهم ما مثله مجد ، حازوا الكمال ، وانفردوا بالأصالة والجلال ، مع عفّة وصيانة ووقار ، وصلاح وديانة ، نشأ على ذلك سلفهم ، وتبعهم الآن خلفهم. وذكرهم مطرّف بن عيسى في تاريخه (٢) ، في رجال الأندلس. وقال ابن مسعدة (٣) : وقفت على عقد قديم لسلفي ، فيه ذكر محمد بن إبراهيم بن مالك الأزدي ، وقد حلّي فيه بالوزير الفقيه أبي أحمد بن الوزير الفقيه أبي عمرو إبراهيم. وتاريخ العقد سنة ثلاث وأربعمائة ، فناهيك من رجال تحلّوا بالجلالة والطهارة منذ أزيد من أربعمائة سنة ، ويوصفون في عقودهم بالفقه والوزارة منذ ثلاثمائة سنة ، في وقت كان فيه هذا المنصب في تحلية الناس ، ووصفهم ، في نهاية من الضّبط والحرز ، بحيث لا يتّهم فيه بالتّجاوز لأحد ، لا سيما في العقود ، فكانوا لا يصفون فيه الشخص إلّا بما هو الحقّ فيه والصدق ، وما كان قصدي في هذا إلّا أن شرفهم غير واقف عليه ، أو مستند في الظهور إليه ، بل ذكرهم على قديم الزمان شهير وقدرهم خطير.
قلت : ولمّا عقد لولدي عبد الله أسعده الله ، على بنت الوزير أبي الحسن بن الوزير أبي الحسن القاسم بن الوزير أبي عبد الله بن الفقيه العالم الوزير ، حزم فخارهم ، ومجدّد آثارهم ، أبي الحسن سهل بن مالك ، خاطبت شيخنا أبا البركات بن
__________________
(١) شون : بالإسبانيةJun ، وتقع شمال غرناطة.
(٢) هو أبو القاسم مطرف بن عيسى بن لبيب بن محمد بن مطرف الغساني الإلبيري الغرناطي ، من قضاة الأندلس وأدبائها ومؤرّخيها. توفي سنة ٣٥٦ ه وقيل : ٣٥٧ ه. من مؤلفاته «فقهاء إلبيرة» و «شعراء إلبيرة» و «أنساب العرب النازلين في إلبيرة وأخبارهم». تاريخ علماء الأندلس (ص ٨٣٧) ، وبغية الوعاة (ص ٣٩٢) ، والأعلام (ج ٧ ص ٢٥٠).
(٣) هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن مسعدة العامري ، وقد سبق وترجم له ابن الخطيب في هذا الجزء.