وقال الرّازي عند ذكر كورة إلبيرة : ويتصل بأحواز قبرة كورة إلبيرة ، وهي بين الشّرق والقبلة ، وأرضها سقي غزيرة الأنهار ، كثيرة الثّمار ، ملتفّة الأشجار ، أكثرها أدواح الجوز ، ويحسن فيها قصب السّكر ؛ ولها معادن جوهرية من ذهب ، وفضة ، ورصاص ، وحديد. وكورة إلبيرة أشرف الكور ، نزلها جند دمشق. وقال : لها من المدن الشريفة مدينة قسطيليّة ، وهي حاضرة إلبيرة ، وفحصها لا يشبّه بشيء من بقاع الأرض طيبا ولا شرفا إلّا بالغوطة ؛ غوطة دمشق.
وقال بعض المؤرّخين (١) : ومن كرم أرضنا أنها لا تعدم زريعة (٢) بعد زريعة ؛ ورعيا بعد رعي ، طول العام ؛ وفي عمالتها المعادن الجوهرية من الذهب ، والفضة ، والرّصاص ، والحديد ، والتوتيا. وبناحية دلاية (٣) من عملها ، عود اليلنجوج (٤) ، لا يفوقه العود الهندي ذكا (٥) وعطر رائحة. وقد سيق منه لخيران (٦) صاحب ألمرية أصل كان منبته بين أحجار هناك. وبجبل شلير منها سنبل فائق الطّيب ، وبه الجنطيانا ، يحمل منه إلى جميع الآفاق ، وهو عقير رفيع ، ومكانه من الأدوية الترياقية مكانه. وبه المرقشينة على اختلافها ، واللّازورد. وبفحصها وما يتصل به القرمز. وبها من العقّار والأدوية النّباتية والمعدنية ما لا يحتمل ذكرها الإيجاز. وكفى بالحرير الذي فضلت به فخرا وقيتة ، وغلّة شريفة ، وفائدة عظيمة ، تمتاره منها البلاد ، وتجلبه الرفاق ، وفضيلة لا يشاركها فيها إلّا البلاد العراقية. وفحصها (٧) الأفيح ، المشبّه بالغوطة
__________________
(١) قارن باللمحة البدرية (ص ٢٢ ـ ٢٣).
(٢) في اللمحة : «زريعة ولا ريعا أيام العام».
(٣) من هنا حتى قوله : «بين أحجار هناك» ، ورد في نفح الطيب (ج ١ ص ١٤١) ببعض الاختلاف عمّا هنا. ودلاية : بالإسبانيةDalias ، وهي بلد أندلسي ساحلي قريب من ألمرية ، يتبع لإقليم البشرّة. والبشرّة بالإسبانيةAlpujarras وهي منطقة جبال سييرا نفاداSierra Nevada. جغرافية الأندلس (ص ١٢٤).
(٤) الألنجوج واليلنجوج : عود جيد ، طيّب الريح ، يتبخّر به. لسان العرب (لنج).
(٥) في نفح الطيب : «ذكاء».
(٦) هو خيران الصّقلبي أو العامري ، وهو أول من استقلّ بألمريةAlmeria عن الخلافة بقرطبة ، وحكمها من سنة ٤٠٥ ه حتى سنة ٤١٩ ه. نصوص عن الأندلس (ص ٨٢) وأعمال الأعلام (القسم الثاني ص ٢١٠) والمغرب (ج ٢ ص ١٩٤).
(٧) النص في اللمحة البدرية (ص ٢٣). وفحص غرناطة هو مرجها الشهير ، وهو عبارة عن سهل أفيح ، وبسيط شاسع أخضر خصب ، وغوطة فيحاء مترامية الأطراف. يطلق عليه بالإسبانية اسم La Vega de Granada. يقع غربيّ غرناطة ويمتدّ غربا حتى مدينة لوشة. كتاب العبر لابن خلدون (م ٧ ص ٦٨٩) ونفح الطيب (ج ٥ ص ٨). وقد عرّف ياقوت الفحص بقوله : الفحص بمفهوم أصل الأندلس هو كل موضع يسكن ويزرع ، سواء كان سهلا أو جبلا ، ومع الزمن صار الفحص علما لعدة مواضع. معجم البلدان (ج ٥ ص ٢٣٦). وراجع أيضا مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر للدكتورة مريم قاسم (ص ٤١) ففيه حديث مفصّل عن مرج غرناطة.